للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

المدينة وبين يديه منادٍ وينادي بالأمان وترك حمل السلاح، وكثرت بعد سنة ٩١١ الرميات والغرامات على حارات دمشق فهاج الناس وصعد أهل القبيبات إلى مئذنة الجامع الأموي وكبروا على المتسلم حتى أفرج عن المحبوسين. واشتد الجور سنة ٩١٦ في لبنان فهجر أكثر الناس مواطنهم إلى البلدان البعيدة ومن اللبنانيين من هاجر إلى قبرس، ثم عادوا منها بعد ثلاث سنين للضيق العظيم الذي حصل فيها بسبب الجراد وكثرة الضرائب التي فرضها الحكام على الرعية.

[القضاء على مملكة ذي القدرية وطبيعة دولتي]

[المماليك البحرية والبرجية:]

وأهم ما وقع من الحوادث التي عجلت في سقوط الشام بعد ذلك في أيدي العثمانيين استيلاء السلطان سليم سنة ٩٢١ على مملكة ذي القدرية التركمانية وكانت عاصمتها مرعش تارة والبستان تارة أخرى، واستولت على بهنسي

وملاطية وخربوت، قامت هذه الدولة سنة ٧٨٠ وتولاها عشرة أمراء أولهم زين الدين قره جه وآخرهم علاء الدولة بن سليمان الذي قتله سنان باشا وأخاه وبعض أولاده في المعركة واستولى على ديارهم باسم سلطان العثمانيين، فبذلك سقطت الأنحاء الشمالية من الشام في يد عدوة الدولة الشركسية، وكان أمراء ذي القدرية يغزون الشام حتى استولوا على مملكة حماة فردهم الظاهر برقوق. ومنها ذهب سلطان مصر إلى دمشق سنة ٩٢٢ فنثر على رأسه بعض تجار الفرنج ذهباً وفضة، وفرش برسباي تحت حافر فرسه الشقق الحرير وخرج إلى المصطبة التي يقال لها مصطبة القابون ورسم لبعض حجاب دمشق بعمارتها وأقام بها تسعة أيام. وكان ذلك الذهب المنثور شؤماً على السلطان ومملكته انتثر بعدها سلك ملكه.

هذه أهم الأحداث التي حدثت قبيل دخول العثمانيين إلى الشام وخروجها من ملوك الشراكسة بعد أن ملكوها بسلطنة الأتابك برقوق ١٣٩ سنة وكان المماليك البحرية ملكوها منذ سنة ٦٥١هـ والاختلاف لا يكاد يذكر بين روح دولة المماليك البحرية ودولة الشراكسة فكلتاهما أعجميتان، ولكن القائمين بهما لا يخرجون في التخاطب والتكاتب والأصول عن اللغة العربية

<<  <  ج: ص:  >  >>