دنا عبد الله من دمشق هربوا ثم أمَّنهم، قال المؤرخون: إن العباسيين قتلوا من الشاميين ما لا يحصى، ثم أذكوا العيون على الأمويين يقتلون رجالهم ونساءهم، وينبشون عن قبورهم فيحرقونهم، فمن ثَم سمي عبد الله ابن محمد بن علي السفاح وفيه يقول الشاعر:
وكانت أُمية في ملكها ... تجول وتظهر طغيانها
فلما رأى الله أن قد طغت ... ولم تطق الأرض عدوانها
رماها بسفاح آل الرسول ... فجزَّ بكفيه أذقانها
[انتقاض العباسيين على أنفسهم:]
هذا ما كان من أمر من خلعوا طاعة بني العباس من عصبية بني أمية في الجنوب والشمال، ولم يكن أثر تلك العصبية قد زال على شدة العباسيين في قطع شأفة الأمويين. ولما هلك أبو العباس السفاح، قام عمه عبد الله ابن علي عامل الشام،
يدعو إلى نفسه بالخلافة، وقد استمال من معه من جنود خراسان فمالوا معه، وكان صالح بن علي بمصر على طاعة أبي جعفر، فلما بلغه أن عبد الله بن علي، قد خلع أبا جعفر وأنه قد عزم على حربه أقبل بمن معه من أهل خراسان، منكراً لفعل عبد الله بن علي، حتى لقي الحكم بن ضبعان الجذامي، ومع الحكم خلق كثير من أهل الشام في طاعة عبد الله بن علي، فهزمهم صالح باللجون وقتل منهم ناساً كثيراً وأفلت الحكم حتى أخذه بعدُ يزيد بن روح اللخمي بأرض بعلبك، وكان يزيد عاملاً لصالح بن علي ببعلبك، فضرب عنق الحكم وبعث برأسه إلى صالح بن علي، ونقل يزيد بن روح عند قتله الحكم بن ضبعان إلى ولاية دمشق. هذه رواية ابن عساكر، وقال غيره: إن صالح بن علي لما جاء فلسطين من مصر طلب أحياء العرب، وجعل يذبحهم حتى أتى على آخرهم وانتهب أموالهم ومواشيهم.
وعلل صاحب البدء والتاريخ خروج عبد الله بن علي، على أبي جعفر بقوله: إنه لما مات أبو العباس، ادعى الخلافة عبد الله بن علي وبايعه أهل الشام والجزيرة، وذلك أن أبا العباس لما ظهر أمره، وضع سيفاً