للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وقال: من تقلد هذا السيف وسار إلى مروان فقاتله فله الخلافة بعدي، فتحاماه الناس وقام عبد الله بن علي فتقلده، وسار فقاتل مروان فقتله، فلما مات أبو العباس قام بالخلافة وبايعه الناس على ذلك، وكان أجلدهم وأشجعهم، فهال ذلك أبا جعفر واستشار أبا مسلم فقال: الرأي أن تعاجله ولا تتأنى به، وكان عبد الله بن علي في مائة ألف مقاتل ومائة ألف من الفعلة، وحفر الخندق من جبل نصيبين إلى نهرها، وجعل فيه ما يحتاج إليه من العدة والآلة، ونصب المجانيق والعرّادات وبث الحسك، وسد الطريق على من يقصده من العراق، وجعل الخصب والقرى وراءه.

ولما وجه أبو جعفر المنصور أبا مسلم الخراساني قال له: أيها الرجل إنما هو أنا

أو أنت. فإما أن تسير إلى الشام، فتصلح أمرها أو أسير أنا. قال أبو مسلم: بل أسير أنا. فاستعد في اثني عشر ألفا من أبطال جنود خراسان، حتى إذا وافى الشام انحاز إليه من كان بها من الجنود جميعهم، وبقي عبد الله بن علي وحده، فعفا أبو مسلم عنه، ولم يؤاخذه بما كان منه وقيل: بل أسيره وحمله إلى أبي جعفر، فخلده الحبس إلى أن مات، وهذا هو الأصح، وأبو مسلم من أقرب الناس إلى سفك الدماء، وقد قتل في دولته ستمائة ألف إنسان، ولكنه تحامى أن يقتل عم الخليفة، واكتفى من عقوبة الثائر بالاستيلاء على خزائنه، وكانت عظيمة، لأنه استولى كما تقدم على ذخائر خلفاء بني أمية ونعمتهم، وذلك بعد حروب كثيرة في أرجاء نصيبين في الموضع المعروف بدير الأعور، وصبر الفريقان شهورا على حروبها. ومع هذا تعاقب على حلب كثير من ولد عبد الله بن علي بن العباس نحو مائة سنة. وكان هوى أهل الشام مع عبد الله بن علي يوم قام على المنصور، فلما هزم عبد الله عفا المنصور عن الشاميين، وكان العباسيون كالأمويين يولون في مبدإ أمرهم الولايات لآل بيتهم وأولياء عهد الخلافة.

<<  <  ج: ص:  >  >>