في وسطهم ولوا منهزمين، ولما أصبح الصباح أرسل خمسمائة جندي إلى جنين وأمرهم أن ينهبوها ويحرقوها وأخرب قرى جبل نابلس لأنهم لم يطلبوا منه الأمان.
ولما بلغ أمير الجيوش قدوم عسكر دمشق إلى صفد أمر الجنرال مُرات أن يسير بخمسمائة راكب فرحل بعسكر دمشق إلى جسر بنات يعقوب، وعلم الجنرال منو وهو في الناصرة أن في مدينة طبرية عسكر الجزار فنشب القتال بينهم، فانكسر عسكر الجزار وانهزم بعد أن قتل منه مائتا جندي، وظهر الطاعون في عسكر فرنسا فمات منهم خلق. وكانت الحروب قائمة على مدينة عكا الليل والنهار وهم يهجمون على الأسوار والقنابل تنهال عليهم كالمطر، وقد أهلكوا من العساكر
الإسلامية والإنكليزية خلقاً كثيراً وهدموا أبراج عكا وأسوارها. ولما هلك بعض قواد الفرنسيين على أسوار عكا مع جملة صالحة من جندهم بدأ بونابرت يرجع إلى وطنه لأمر طرأ على مركزه هناك.
وكانت إنكلترا أهاجت ملوك الفرنج على فرنسا فاضطر الفرنسيون أن يرجعوا عن عكا بعد أن فقدوا على سورها ثلاثة آلاف وخمسمائة جندي، ومات في الطاعون وعلى الطريق ما ينيف على ألف. وفي ١١ ذي الحجة أمر أمير الجيوش بالقيام بجميع المضارب والخيام وانتقل إلى مدينة حيفا وكان فيها عدة حواصل قطن للجزار فأمر بإحراقها. وسار إلى يافا فأخذ ما كان لهم من الأمتعة والمدافع الكبار ودفنوها في الرمال، وقد كانوا أخذوا من العساكر العثمانية أربعة آلاف بندقية فألقوها في البحر وأحرقوا المراكب التي كانوا غنموها من المسلمين وأخذوا من فيها أسرى وسخروهم في نقل الجرحى والمرضى من عسكر الفرنسيين يحملونهم على ألواح خشب إلى مصر.
[خطيئات نابليون في الشام:]
هذا ما رواه المؤرخ نقولا الترك في دخول نابليون جنوب الشام وخروجه منها وما وقع له من الوقائع وكانت مدة مقامه في الشام شهرين لم تستفد منها