وقد كانت اتفقت أكابرها ومشايخ الحارات على تسليمها فسلموها. وفي يوم الجمعة التاسع والعشرين منه دخل نائب دمشق الجديد من قبل ملك الروم واسمه يونس باشا، وخطب في هذا اليوم في الجامع الأموي المولوي ابن فرفور باسم ملك الروم وكذلك في سائر الجوامع، ثم تتابع دخول العسكر، وفي يوم السبت مستهل رمضان منها وصل ملك الروم إلى المصطبة السلطانية بأرض برزة في عساكر عظيمة يقال: إن
عددها مائة ألف وثلاثون ألفاً وعزل عن نيابة دمشق يونس باشا وولى مكانه أحمد بن يخشي. وفي يوم الاثنين العشرين من ذي القعدة وهو خامس شهر كانون الأول ورابع الأربعينيات الشتوية سافر ملك الروم من دمشق إلى مصر لأخذها من يد الشراكسة.
[مقابلة أمراء البلاد سلطانهم الجديد وتغير الأحكام:]
قابل الأمراء السلطان سليماً ومنهم الأمير فخر الدين المعني الأول أمير الشوف فخطب أمامه بالنيابة عن أمراء البر خطبة جميلة استمالت بها قلب الفاتح، فأحسن إليه وخلع عليه وسماه سلطان البر وأفضل عليه وعلى رفاقه من الأمراء مثل الأمير جمال الدين الأرسلاني اليمني الذي جعله والياً على بلاد الغرب والأمير عساف التركماني أمير بلاد كسروان وبلاد جبيل، وأمرهم أن يحسنوا السياسة لقومهم وأن يسعوا بكل ما يؤول إلى عمران بلادهم، وقدمت إليه الناس من كل جانب إلا الأمراء التنوخيين القيسيين فإنهم لم يأتوا لأنهم كانوا من حزب الدولة الشركسية. وقال كامل باشا: أن أمير العرب ناصر الدين ابن الحنش وكان عهد إليه الدفاع عن دمشق من قبل الشراكسة قَبِل بالصلح الذي اقترحه عليه خيرباي وخضع للسلطان سليم، فنزل هذا في القصر الأبلق فجاءه محافظو قلاع سورية وأمراء العرب والدروز يعرضون الطاعة له. ويقول ابن إياس: إن الأمير ناصر الدين بن الحنش، أمير عربان حماة لما بلغه أن ابن عثمان أرسل طلائع عسكره وقد وصلت إلى القابون بالقرب من دمشق، لقيهم ابن الحنش وحصل بينه وبين عسكر ابن عثمان مقتلة عظيمة وقتل منهم جماعة وأطلق عليهم الماء من أنهر دمشق حتى صار كل من دخل في تلك المياه بفرسه يوحل فلا يقدر على الخلاص فهلك من عسكر ابن عثمان جماعة كثيرة.