القتال، حتى استقلوا به استقلالاً تاماً، وكانت أول وقائعهم المشهورة بعد وقائع إبراهيم باشا ما حدث سنة ١٢٩٦ بينهم وبين أهل بسر الحريري من أجل فتاة، فهجم الدروز على بسر وقتلوا من أهلها ثمانية أو عشرة أشخاص وقتل من أهل بسر خمسة أثناء الدفاع عن أنفسهم، وعند ذلك تجمع الحورانيون ألوفاً، وأراد مدحت باشا أن يجيب
الحورانيين إلى مطالبهم وهي إنزال العقوبة بثلاثة وعشرين رجلاً من الدروز، فأبى الدروز إلا أن يعطوا دية عن القتلى، وقصد أن يسوق قوة على حوران للتهديد لا للضرب، ثم حلت المسألة صلحاً.
قال عثمان نوري في تاريخه: وعقيب ذلك طلب مدحت باشا إعفاءه من ولاية سورية، فاغتبط عبد الحميد بذلك لأنه كان يرى أن بقاءه طويلاً في هذه الديار لا يجوز، لأنه تذرع بعمرانها وهو منه موجس خيفة على الدوام. وقال كان النزاع والجدال قائمين على ساق وقدم بين أهالي سورية المتباينين في الدين والجنس، فلما وليها مدحت باشا دخلت في طور السكينة والأمن، ولا سبيل إلى تقرير الحكم العثماني في أرض تتأثر فيها الأفكار بالنفوذ الأجنبي إلا بانتظام الإدارة وإجراء العدل وتنظيم المالية، وهذا ما عمله مدحت باشا. وكان عبد الحميد يرائيه، ويحول دون أمانيه، بحيث أن السلطان لم يكن يتوقف ساعة عن بث بذور الاضطراب في الولاية لينتقم من مدحت باشا، وذلم بتحريض مثل المشير أحمد أيوب باشا وجميل باشا عليه اه.
انتهت مسألة الدروز بعد أن ساقت الدولة عليهم قوة إلى القراصة من عمل نجران وقتلت منهم ستمائة واستأمن الرؤساء، ولم يكن سواد الدروز في الجبل إذ ذاك أكثر من عشرة آلاف، وتسمى هذه الوقعة بوقعة القراصة وهو ماء قرب نجران، ولما لم تحسن الدولة الإدارة في الجبل زادت جرأة الدروز إلى أن كانت سنة ١٢٩٨ فهجموا على قريتي الكرك وأم ولد وذبحوا سكانهما على بكرة أبيهم ولم يبقوا حتى على الأطفال الرضع، فسيقت عليهم حملة بقيادة المشير حسين فوزي باشا أسفرت عن ربط دية شرعية مقسطة عليهم، وتأسيس قائم مقامية جبل الدروز مؤلفة من ثمان نواح وتعيين القائم مقام والمديرين منهم.
كانت الدولة تقاسي الأمرين في تأديب عصاة الدروز كل مرة. قال مدحت باشا
في مفكراته سنة ١٢٩٧ والذي زاد في الطين بلة أن فرنسا تحمي الموارنة