وصف ابن جبير في القرن السادس جامع حلب بقوله: وهذا الجامع من أحسن الجوامع وأجملها وقد أطاف بصحنه الواسع بلاط كبير متسع مفتح كله أبواباً قصرية الحسن إلى الصحن عددها ينيف عن الخمسين باباً، فيستوقف الأبصار حسن منظرها، وفي صحنه بئران معينتان، والبلاط القبلي لا مقصورة فيه، فجاء ظاهر الاتساع رائق الانشراح. وقد استفرغت الصنعة القرنصية جهدها في منبره، فما أرى في بلد من البلاد منبراً على شكله، وغرابة صنعته، واتصلت الصنعة الخشبية منه إلى المحراب فتجللت صفحاته كلها حسناً على تلك الصنعة الغريبة، وارتفع كالتاج العظيم على المحراب، وعلا حتى اتصل بسمك السقف، وقد قوس أعلاه وشرف بالشرف الخشبية القرنصية، وهو مرصع كله بالعاج والآبنوس، واتصال الترصيع من المنبر إلى المحراب مع ما يليهما من جدار القبلة، دون أن يتبين بينهما انفصال، فتجتلي العيون منه أبدع منظر يكون في الدنيا، وحسن هذا الجامع المكرم أكثر من أن يوصف اه.
هذا وصف المسجد الجامع وما كان فيه وليس هو بالعظيم كمسجد دمشق أو المسجد الأقصى وقد رمم في أوقات مختلفة. وفي حلب جامع الصالحين جنوبي المدينة أنشئ سنة ٤٧٩ أنشأه أحمد بن ملكشاه ومحرابه مهم في بابه وأول جامع بني بحلب فيما قالوا بعد الجامع الكبير جامع ألطون بغا الصالحي تم سنة ٧٢٣ وفيه يقول ابن حبيب:
في حلب دار القرى جامع ... أنشأه ألطنبغا الصالحي
رحب الذرى يبدو لمن أمه ... لطف معاني حسنة الواضح
مرتفع الرايات يروي الظما ... من مائه السارب والسارح
يهدي المصلي في ظلام الدجى ... من نوره اللامع واللائح
من حوله روض يرى للورى ... من زهرة بالفائق الفائح
لله بانيه الذي خصه ... بالروح للغادي وللرائح
وعد ابن الشحنة من أحسن الجوامع التي بنيت على أجمل الوجوه جامع منكلي بغا الشمسي نائب حلب عمر ٧٧٨. وعد ابن شداد في باطن حلب مائتي مسجد وسبعة عشر مسجداً داخل سور البلد منها ما نسبه لمنشئه ومنها