يمنعه من استعمال تلك الواسطة لما فيها من القسوة التي تشمل الحريم والأطفال معاً، أما إبراهيم باشا فكان يرى مصلحة الدولة أولاً والرعية ثانياً، ولما عجز عن إخضاع العصاة ألزم علماء الكيمياء بصنع محلول سليماني ألقاه في المياه وأعلم الدروز بذلك، فاضطر الدروز إلى ترك المكان بعد أن مات منهم عدد كبير عطشاً وأتوا إلى إقليم البلان. وكان دروز وادي التيم وإقليم بالبلان ينجدون دروز حوران بقيادة شبلي العريان ولما ضاق بهم ذراع إبراهيم باشا استدعى من مصر عسكراً من الأرناؤد فأمده أبوه بأربعة آلاف جندي بقيادة مصطفى باشا، وهم الذين حارب الدروز بهم في الوعرة أيضاً فلم يظفروا بهم. وكانت دروز الأقاليم تنجد دروز حوران سراً أولاً ثم أخذت تنجدهم علناً. أما نصارى لبنان فتجندوا أولاً مع العساكر المصرية وحضروا الوقائع التي حدثت بين المصريين والدروز في حوران ووادي التيم. وتجمع العصاة في قرية حينة من إقليم البَلاّن، فأطلق الأمير مجيد شهاب الغارة عليهم فانهزموا وقتل منهم ١٥٠ رجىً وبلغ شبلي العريان ذلك فحضر بعسكره من الوعرة وحاصر العسكر المصري في سراي حاصبيا فقتل من أمراء حاصبيا الأمير علي ثم أرسل العريان إلى الأمير محمود خليل أن يخرج من السراي ولا يشارك العسكر النظامي فخرج بجماعته اللبنانيين، واضطرمت نار الحرب بين العسكر المصري والعريان، ففر الجند المصري منهزماً نحو البقاع فتبعه العريان بمن معه وأعمل في أقفيتهم السلاح فقتل منهم نحو ثلاثمائة رجل وتشتت من عسكره في البقاع وعاد فخيم في قرية عيحا قرب راشيا، فأتته الدروز وتحصنوا قبالته في غابة هناك، وانتشب الحرب بينه وبينهم فلم يظفر بهم، ثم اشتبك الدروز مع عسكر إبراهيم باشا في وادي بكا فهجم عليهم إبراهيم باشا بعسكره وأطلق عليهم النار وأطبقت العساكر من كل جانب، فقتلوا من الجند المصري وقتل منهم مقتلة عظيمة اضطروا عقيبها إلى الفرار. قيل أنه قتل من
الدروز في الوقعة الأولى ٦٢٠ عدا من تأثرهم إبراهيم باشا وقتلهم، ثم حدثت وقعة في قلعة صخور وتفرق الدروز، وطلب العريان الأمان من إبراهيم باشا فأجابه إليه وجعله قائداً على ألف فارس هوارة. وفي سنة ١٢٥٢ توجه الأمير مسعود