للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

إسكندرية مصر فيما يعمل فيها من الثياب الفائقة على اختلاف الأنواع، وحسن الأوضاع، لولا قلة مائه، وقحولة جسمه، مع أنه يبلغ الغاية في الثمن، وإن لم تلحق بالإسكندرية فإنها تفوق صنعاء اليمن. وقال الأدريسي في صور: إنه يعمل فيها من الثياب البيض المحمولة إلى الآفاق، كل شيء حسن عالي الصفة والصنعة، ثمين القيمة، وقليلاً ما يصنع مثله في سائر البلاد المحيطة بها. وكذلك حماة وطرابلس وحلب. ولكل بلد ومدينة خاصية تحتفظ بها في نوع من الصناعة تبرع فيها، وأهم ما كان منها في مدينة دمشق.

فقد ذكر الإدريسي أنها كانت في عصره جامعة لصنوف من المحاسن وضروب من الصناعات وأنواع من الثياب الحرير كالخز والديباج النفيس الثمن العجيب الصنعة، والعديم المثال، الذي يحمل منها إلى كل بلد، ويتجهز به منها إلى كل الآفاق والأمصار المصاقبة لها، والمتباعدة عنها. ومصانعها في كل ذلك عجيبة، تضاهي ديباجتها بديع ديباجة الروم، وتقارب ثياب دستوا، وتنافس أعمال أصبهان، وتشف على أعمال طُرز نيسابور، من جليل ثياب الحرير المصمتة، وبدائع ثاب تنيس، وقد احتوت طرزها على أفانين من أعمال الثياب النفيسة، ومحاسن جمة، فلا يعادلها جنس ولا يقاومها مثال.

وقيل: إن اسم الدمقس مشتق من اسم مدينة دمشق. ونقل الشاميون إلى الأندلس صنعة الثياب المزركشة بالرسوم من الحرير والكتان من دمشق فنسبت إليها عندهم وقالوا في فعلها أي عمل ثياباً على النمط الدمشقي. قال البدري: ومن محاسن دمشق ما يصنع فيها من القماش، وهو النسج على تعداد نقوشه وضروبه ورسومه، ومنها عمل القماش الأطلس بكل جنسه وأنواعه ومنها عمل القماش

السابوري بجميع ألوانه وحسن لمعانه، ومنها عمل القماش الهرمزي على اختلاف أشكاله، وتباين أوصاله، ومنها عمل القماش الأبيض القطني. وكان من أنواع الثياب في القديم ما أُنسيناه وأُنسينا أسماءه ومنها المنيّر والمعيّن والمسيّر والمفوف والمسهم والمعمد والمعرّج والمهلهل والمكعب والمطيّر والمخيّل. ولاشتهار دمشق بالحرائر والمنسوجات الغزلية الفائقة بوشيها وحسن طرازها، عرفت هذه الصناعات باسم المدينة فيقال لها الداماسكو والداماسكو ثوب غليظ برسوم جعلت في جسم الثوب ويتفننون في ذلك تفنناً غريباً ويعملون كل

<<  <  ج: ص:  >  >>