وينسج بالكتان ويوشى بالحرير من كل الألوان وهو غاية الغايات في دقة الصنعة والمتانة يصدر إلى كثير من جهات العالم. وتصنع حلب من هذه المآزر أنواعاً كانت تضاهي بها المآزر التي ترد من العجم إلى أن بذتها وقامت مقامها. ومن المنسوجات الرائجة أيضاً صناعة الأعبثة فهي من أهم الصناعات على اختلاف أنواعها ومنها الخشنة التي يلبسها الفلاحون، وحياكتها غاية في المتانة ولها ألوف من الأنوال في دمشق وحمص وحلب وقرى القلمون، وذلك لتوفر مادتها الأولية ولأنها لباس عامة الفلاحين، ويوجد أيضاً ألوف الأنوال في دمشق وقرية جرمانا
وحمص وهي تصنع أعبئة من الصوف النحيف والوبر برسم الأمراء والكبراء ويصدر منها إلى الخارج ولا سيما إلى فارس ويبتاع الحجاج أيام الموسم من دمشق خاصة من تلك الأعبئة ألوفاً وهي مشهورة بحسن صناعتها وعلى غاية المتانة، مع أنها من النسج النحيف الناعم، ومما يدل على ذوق صناعها تفننهم في ألوانها على اختلاف ضروبها، وفي دمشق وبيروت ولبنان وحمص وحلب من الأنوال لعمل الأعبئة من الحرير وهي على غاية الرواء والجمال والمتانة وفي النهاية من سلامة الذوق بوشيها وألوانها. وتصدر إلى أوربا وأميركا ومصر وإيران. ومما يؤسف له الآن دخول الحرير النباتي إلى الديار الشامية وصنع العباءة منه مؤثرين له لرخص ثمنه مما يكون منه بعد بضع سنوات القضاء على صناعة العباءة الحريرية في الشام إن لم تتدارك بما يحفظ وراءها.
واشتهرت حلب بالمناديل الحريرية والمقصبة المعروفة بالبوشية وفيها ٥٣ معملاً كما فيها ١٢٤ للخام و ٢٤٧ لمنسوجات الغزل و ١٥٩ للحرير و١١٧ للأغباني أو تقليد الزنار الهندي، وصناعة الأغباني في دمشق رائجة كل الرواج وهي عبارة عن قطعة ثوب مربعة طولها ذراعان في مثلهما، تعمل من الحرير الدقيق، لونها أبيض وأدكن، وتطرز بألوان الحرير الجميلة، وبأنواع الرسوم التي قد تعجز عنها ريشة المتفننين من المصورين، وكانت تلك الصنعة مختصة أولاً بالهند تصدر منها إلى أطراف العالم، وكان قليل منها يطرز في حلب ويستعمل للعمائم فقط على قماش قطني وبعض الحرير. وأما الآن فقد تناولتها أيدي جميع الشاميين أذكياء وأكثر من يصنعها النساء يطرزن منها أثواباً