عمل أوربة، وألبسة حريرية من صنع دمشق وحلب، وبضائع منوعة ومصنوعات خشبية وصدفية ونحاسية، وبسوء السياسة المخالفة لما هو جار في أوربا، إذ كان ينشط التجار الغرباء دون التجار الوطنيين، أصبحت معظم التجارة العربية في الشام تجري تحت اسم أوربي. وقبل أن يفتح إبراهيم باشا الشام كان التجار الوطنيون يدفعون إلى الإفرنج ثلاثة ونصفاً أو أربعة في المائة ليتأتى لهم أن يتجروا بأسمائهم، لأن الإفرنج لا يدفعون على الأكثر زيادة على أربعة في المائة من كل ما يطلب من المكوس والضرائب، على حين كانت العرب خاضعة لأداء ١٨ أو ٢٠ وربما ٢١ في المائة. وقال: إن عمال إبراهيم باشا كانوا يتجرون ويحتكرون أصنافاً من التجارة.
ولما قلّ الأمن في البحر على عهد نابليون وبسوء الإدارة العثمانية وبثورات الإنكشارية سنة ١٨١٤ و ١٨٢٦ وبزلزال سنة ١٨٢٢ و٢٧ و٣٢ ووباء سنة ١٨٣٢ وطاعون سنة ١٨٣٧ خربت تجارة حلب ودمشق، وكثرت البضائع الإنكليزية التي كانت تباع بأثمان بخسة تجيء من طريق ليفورنا في إيطاليا. وكانت الحاصلات الخام التي تعود إلى الشام معمولةً، سبب خراب هذا القطر، مثل حرائر ليون التي أخذت تسحق حرائر دمشق وحلب، وبمنافسة حرائر ليون التي تقلد حرائر دمشق احسن تقليد وتباع بأثمان بخسة، قضي على صنائع دمشق بعد أن كانت تعمل أكثر من ٤٠٠ ألف قطعة من الحرير والثياب الحريرية الممزوجة بالقطن. وكانت تجارة الحاصلات التي تبتاع بالسلف والسلم، خراب
الفلاح الشامي البائس. وكان كثير من تجار الأوربيين يستحسنون هذا من التجارة، ومنهم من كان يمقتها وقد يربح المتجر بها خمسة وعشرين في المئة، ويعدها صاحب الذمة غبناً، وكان يصل إلى بيروت كل سنة ١٣٤٠ سفينة تحمل ٧٨٤٨ طناً ويخرج ٨٠٥ سفن تحمل ٥٠٠٥ يخرج منها القطن والحرير والتبغ والإسفنج والفوّة والزيت والصابون بمقدار وافر والسمسم والكمون والعفص. وتجارة الواردات تبلغ ٤٤٣٦٦٦٧٠ منها نحو ١٥ مليوناً من مصر وتجارة الصادرات ٢٦٨٧٤٢٧٠ منها نحو ١٣ مليوناً لمصر، فكانت الشام تخسر مسانهة نحو ١٨ مليون قرش تسدها سبائك ذهب أو نقوداً، وهذا على عهد الحكومة