بالفارسية، وهو أول من نهى عن الكلام بحضرة الخلفاء، وكان الناس قبل ذلك يراجعون ويعترضون عليهم.
وبويع للوليد بن عبد الملك. وكانت أيامه من أبرك أيام بني أمية عمّر الجوامع العظام، وكتب إلى الأمصار بهدم المساجد والزيادة فيها، وبث في الأمة روح العمران، فكان الناس إذا التقوا في زمانه، يسأل بعضهم بعضاً عن الأبنية
والعمارات في كل مكان، وكان أول من عمل أعمالاً جسيمة ابتدعها في الصدقات والقربات، هذا مع أن الخراج انكسر في أيامه فلم يحمل كثير شيء من العراق وغيره، فاضطر إلى إحصاء أهل الديوان، وألقى منهم بشراً كثيراً بلغت عدتهم عشرين ألفاً، وأجرى الوليد على زمني أهل الشام كالمجذّمين والعميان وكساهم وأمر لكل منهم بخادم، وأخرج لعيالات الناس الطيب والكسوة، وزاد الناس جميعاً في العطاء عشرة عشرة، ثم زاد أهل الشام بعد زيادة العشرات عشرة عشرة لأهل الشام خاصة، وزاد من وفد إليه من أهل بيته في جوائزهم الضعف، وكان وهو ولسّ عهد، يطعم من وفد إليه من أهل الصائفة قافلاً، ويطعم من صدر عن الحج بمنزل زيزاء في البلقاء ثلاثة أيام، ويعلف دوابهم، ولم يقل في شيء يسأله: لا. فقيل له: إن في قولك أنظر عدة ما، يقيم عليها الطالب فقال: لا أعوّد لساني شيئاً لم أعتده وقال:
ضمنت لكم إن لم تعقني عوائق ... بأن سماء الضر عنكم ستقلع
محرّمكم ديوانكم وعطاؤكم ... به يكتب الكتاب شهراً وتطبع
وقد بلغ بنو أمية في عهد الوليد أقصى درجات عزهم، واعتز بحكمه الإسلام والمسلمون، وفتحت الفتوح العظام وتغلغلت جيوشه في أرض الترك والروم والهند، وفتحت الأندلس وجاء فاتحها موسى بن نصير إلى دمشق يضع بين يدي الخليفة الأموال والجواهر، ويعرض أبناء ملوك البربر والجزائر والروم والأسبان والإفرنج يلبسون تيجانهم، ويقف أبناء ملوك أوروبا في باب الخليفة الأموي بحالة الأسر. وبعث الوليد أخاه مسلمة