بيسان. وقد حفظت قطع الجمجمية التي وجدت في التابغة ويرجع عهدها إلى ما قبل التاريخ. وأما مجموعة متحف عمان فأكثرها مما يرجع تاريخه إلى العهد الروماني والبيزنطي.
وبعد فقد عرفنا بما تقدم مقدار العناية التي بذلتها البعثات الأجنبية بآثار الشام غير الإسلامية وإعراضهم عن هذه الأخيرة. لا جرم أن معظم الآثار الإسلامية في القطر محفوظة في الجوامع والمساجد والمدارس تحت إشراف ديوان الأوقاف. ولذلك يتحاشى ما أمكن أن يثيروا عواطف عوام المسلمين حتى إن السلطات المنتدبة تركت لدوائر الأوقاف حرية التصرف بهذه الأماكن المقدسة. وقد اكتفت بأن تسدي إليها من حين إلى آخر النصائح لبذل العناية بهذه الآثار. لكن أكثر هذه الدوائر في شغل شاغل عنها. فكل يوم نسمع بضياع اثر أو تشويهه لا عن قصد منهم بل لأنهم لا يقدرون قيمة ما هو تحت أيديهم، حتى أصبحت أكثر هذه الأمكنة الأثرية في حالة يخشى عليها من الاندراس، وبذلك يفقد القطر هذه المفاخر التي تشهد بمدينة السلف العظيمة في أزهى العصور الشامية. فعسى أن تحذو الشام حذو شقيقتها مصر وتؤلف لجنة للآثار الإسلامية تعنى بجمعها وتتفقد شؤون البنية
منها.
وقد أنشأت الجمهورية الفرنسية في دمشق معهداً فرنسياً لدرس الآثار وخاصة منها الإسلامية على منوال المعهد الفرنسي في القاهرة. وقد سبق للبعثات الأجنبية أن أسست في القدس معاهد لدرس الآثار مثل المدرسة الأثرية الفرنسية، والمدرسة الأثرية الإنكليزية، والمدرسة الأميركية للأبحاث الشرقية، ولهذه المعاهد فضل كبير بكشف غوامض تاريخ الشام القديم.
لم تدع السلطتان الفرنسية والإنكليزية في منطقتي سورية وفلسطين باباً إلا وطرقتاه لنشر الدعاية في الممالك الأجنبية عن آثار الشام ومكانتها. وقد تجلى ذلك في دعوتهم لمؤتمر الآثار الدولي الذي عقد في سورية وفلسطين في شهر نيسان سنة ١٩٢٦ فكانت نتائجه مرضية. وبفضل هذه الدعاية نرى عدد السياح بازدياد في كل سنة. ولا شك أن الشام إذا صرفت العناية بفنادقها وطرق مواصلاتها تصبح مقصد السياح من أهل الأرض، وتجني من ذلك فوائد مادية وأدبية لا تقدر.