للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

والحيوان وأكرموا الينابيع والأشجار العظيمة والحجارة ثم عبدوا المشتري وأظهروه في مظاهر عديدة وكانوا يقولون رب البرق ورب الرعد ورب النور. وجعلوا للمشتري ربة اسمها جونون وعبدوا المريخ ورب الحرب يقدمون له ضحايا من الخنازير والبقر والغنم بل يقدون له الذبائح البشرية يختارونهم من أسرى الحرب على الأكثر. ولهم أرباب أخرى كرب البيت وحارسه ورب نار البيت وجعلوا لها هياكل أقاموا على حراستها بنات عذارى يتعهدون نارها حتى إذا غفلن عنها فأطفأت وأدوهن على ما كان أهل الجاهلية يئدون بناتهم خشية العار. ولما أختلط الرومان بالأمم الأخرى اقتبسوا منها ما راقهم من أربابهم ومنها عشترت المعبود الشامي.

قال كلرمون غانوا: لم تكد تظهر الوثنية اليونانية الرومانية حتى أصبح الناس يحبونها أصقاع الشام كافة ويقبلونها راضين. وذلك لأنها قائمة على أساس التسامح القابل للظهور في كل مظهر وصورة. تلتئم بمرونة عجيبة مع أشكال الديانات التي تدين بها الشعوب الأخرى. وذلك بأن تمزج هذه الديانات بنفسها أو تمزج نفسها بها. ولم تدخل في ذاك المحيط الخاضع المدهوش إلا إصلاحاً واحداً

وهو معرفة الأشياء الحسنة، ولم تقض إلا بقضاء واحد وهو الابتعاد عن البشاعة، ولم تضع إلا نظاماً واحداً وهو نظام السرور، ولا تعليماً واحداً غير تعليم الذوق، ولم توح بغير الجمال. وكانت ترفق بالأديان التي لا تستطيع الدفاع عن نفسها ولا تشتد إلا على الأديان التي تحاول مقاومتها. فالعبادات القديمة التي عرفت عند الكنعانيين استقت من هذا النبع الصافي البارد مأخوذة بشيء من الجنون اه.

لما جاء كسرى إلى حلب وعمر بيتاً للنار كان في الشام أربعة أديان أمهات، وهي: اليهودية والنصرانية وعبادة الأوثان والنيران. ولما جاء الإسلام كان الناس يدينون بهذه الأديان. وكانت النصرانية قبل الإسلام على رواية اليعقوبة في ربيعو وغسان وبعض قضاعة، واليهودية في حمير وبني كنانة وبني الحارث بن كعب وكندة، والمجوسية في تميم، والزندقة في قريش أخذوها من الحيرة. وكان بنو حنيفة أخذوا في الجاهلية إلهاً من حيس،

<<  <  ج: ص:  >  >>