للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

ولا الأعراض، ولا يحل في غيره ولا يتحد بغيره، ولا يقوم بذاته حادث، منزه عن التحول والانتقال، استوى على العرش على الوجه الذي عناه بالمعنى الذي أراده، استواء يليق بجلال ذاته، وهو فوق سماواته فوق عرشه، مباين لخلقة لا يحمله العرش بل العرش وحملته محمولون بقدرته، ومع ذلك فهو قريب من كل موجود بل هو أقرب إلينا من حبل الوريد، وهو تعالى مرئي للمؤمنين بالأبصار في دار القرار، فيرونه لا في مكان ولا على جهة من قبالة واتصال شعاع أو ثبوت مسافة بين الرائي والمرئي.

الركن الثاني في العلم بصفاته تعالى الله تعالى متصف بالعلم والقدرة والإرادة والسمع والبصر والكلام والحياة، وهي صفات لها أزلية ونعوت له أبدية، فهو تعالى قادر على جميع الممكنات، وجميع الحوادث واقعة بقدرته تعالى، وقدرة الله على المقدورات كلها قدرة واحدة، يقدر بها على جميع المقدورات على طريق الاختراع دون الاكتساب، ومقدوراته تعالى لا تفنى.

وهو سبحانه مريد لأفعاله فلا وجود إلا وهو مستند إلى مشيئته وصادر عن إرادته، لا يقع شيء في العالم إلا بإرادته ومشيئته، فالخير والشر والطاعة والمعصية واقعة بإرادة الله تعالى وقضائه وقدره ومشيئته، ما شاء الله كان لم يشأ لم يكن، وإرادته تعالى قديمة وهي في القدم تعلقت بإحداث الحوادث في أوقاتها اللائقة بها على وفق سبق العلم الأزلي، والإرادة غير الأمر لأنه قد يأمر بالشيء ولا يريده، ويريد الشيء ولا يأمر به، ويريد الشيء ويأمر به، ولا يريد الشيء

ولا يأمر به. وغير الرضى أيضاً فإن الإرادة قد تتعلق بما لا يرضي به الله تعالى كالكفر الواقع من الكفار فإنه تعالى أراده ولم يرض به ولا يرضي لعباده الكفر، وليست عين العلم لأن العلم يتعلق بالواجب والمستحيل والجائز، والإرادة لا تتعلق إلا بالجائز.

وهو تعالى عالم بجميع الموجودات كلياتها وجزئياتها، ومحيط بكل المخلوقات لا يعزب عن علمه مثقال ذرة في الأرض ولا في السماوات، وعلمه واحد يعلم به جميع المعلومات على تفصيلها من غير حس ولا بداهة ولا استدلال عليه، وعلمه قديم لم يزل عالماً بذاته وصفاته وما يبثه من مخلوقات، ومهما حدثت

<<  <  ج: ص:  >  >>