ويقرءون القرآن ويؤولونه ويذهبون إلى قدم العالم تبعاً لبعض الفلاسفة ويقولون بالتناسخ معبرين عنه بالتقمص، فالسجد يسمى قميصاً عندهم، وأن الميت حين موته تنتقل روحه إلى من يولد وقتئذ، فالأرواح الإنسانية لا تنتقل عندهم إلا إلى قوالب إنسانية. ويقولون: الهوية الإلهية تنتقل من قالب وتحل في قالب آخر في كل عصر، فتتجلى في كل زمن بصورة وتجلت أخيراً في الحاكم، وأن حمزة أيضاً ظهر في كل عصر قالب، ففي زمان كان فيثاغورس الحكيم، وفي زمان كان شعيباً، وفي زمان كان سليمان بن داود، وفي زمان كان المسيح الحق، فهو نبي الكريم عندهم، وحمزة العصر المحمدي وهو سلمان الفارسي، ويزعمون أن القرآن قد أوحى حقيقة إلى سلمان الفارسي وأنه كلامه وأن محمداً أخذه وتلقاه عنه حتى زعموا بأن خطاب لقمان الذي خاطب به ولده في معرض الوصية بقوله:(يا بني أقم الصلاة وأمر بالمعروف وانه عن المنكر) هو خطاب سلمان لمحمد والتعبير بالنبوة إنما هو من خطاب المعلم للمتعلم.
وإذا أراد أحد من جهالهم أن يدخل في سلك الموحدين ينبغي له أن يستجلب رضاهم بتقديم وسائل العطف مدة حتى تتحقق توبته، فإذا قبلوه أدخلوه على الإمام فيوصيه بحفظ السر وعدم إشهاره، ويأمره بتحرير العهد الواجب تحريره، إذ لا يكون موحداً خالصاً بدون تحرير العهد على نفسه، فإذا حرروه وسلمه إلى الإمام صار واحداً منهم. وصورة العهد وهو المعروف لأول انتشار الدروزية بميثاق ولي الزمان: توكلت على مولانا الحاكم الأحد الفرد المنزه عن الأزواج والعدد، أقر فلان بن فلان إقراراً أوجبه على نفسه وأشهد به على روحه في صحة من عقله وبدنه وجواز أمره طائعاً غير مكره ولا مجبر، أنه قد تبراً من جميع
المذاهب والمقالات والأديان والاعتقادات كلها على أصناف اختلافاتها وأنه لا يعرف شيئاً غير طاعة مولانا الحاكم جل ذكره والطاعة هي العبادة وأنه لا يشرك في عبادته أحداً مضى أو حضر أو ينتظر وأنه قد سلم روحه وجسمه وماله وولده وجميع ما يملكه لمولانا الحاكم جل ذكره ورضي بجميع أحكامه له وعليه، غير معترض ولا منكر