أن إضراب بعض المشايخ عن القراءة أيام الثلاثاء، من عادات الصابئة لأن يوم البطالة عند الصابئة يوم الثلاثاء. ومع هذا فقد مدح الدمشقيون منذ القديم كثيراً وهجوا كثيراً. ولعل المادح والقادح لا يخلوان من مبالغة.
ومن يتزوج من أهل هذا القطر بامرأة دمشقية يحسب نفسه سعيداً، فالدمشقيات يتغربن كثيراً، وما برحت دمشق تضم إليها الغرباء من أهل الكور الأخرى وتتمثلهم وتعيضها عمن يدخل إليها من الرجال بعض نسائها، يدخل فيها عادات العاصمة الأموية، ويمزجن أهل الوطن الواحد من طريق الأسر والبيوت. والبدو والحضر من جميع النحل يؤثرون البنين على البنات، وكلهم يلدون كثيراً، ويعيش الأطفال في المدن أكثر من القرى، للعناية بصحتهم ووجود الأطباء والقوابل. ولولا أن البدوي يولد له كل سنة لانقرض نسله لكثرة الغزو والذبح في الدهر
السالف.
وجميع نساء القرى من المسلمات في الشام سافرات يعمان مع الرجال في الحقول والمراعي على صيانة لا تبذل فيها، ما خلا بعض القرى القريبة من الحواضر فإن عادة الحجاب سرت إليهن، فيلبسن ملاءات من حبر أسود أو أزرق على الأغلب. وفي بعض المدن ملاءات ملونة بأصفر وأحمر معاً أو بأبيض فقط. ولكن نساء دمشق خاصةً اخترن زياً من الملاءات ومناديل الوجه، اقتبسنها عن نساء الآستانة أيام كان الحجاب شائعاً في نساء الترك. فلما كشف الحجاب في تركيا في العهد الأخير وأصبح زيهن كزي الغربيات، قبعات على الرؤوس وأثواب قصيرة خفيفة. وزال الحجاب أو كاد عند نساء مصر بالطبيعة لتغلب المدينة عليهن، بقي نساء حواضر الشام كبيروت ودمشق وحلب وطرابلس حائرات يطمح بعضهن إلى تقليد التركيات والمصريات. ولكن شدة المسيطرين من الرجال، اضطرتهن إلى الوقوف الآن عند حد حجابهن القديم، فيظهرن في الشوارع في حبرات سوداء مسدولة إلى أعقابهن ومناديل سود مسبلة على وجوههن، وقد تكون في المتبرجات شفافة جميلة لا تكاد تحجب الوجوه بل تزينها وتدعو الناظرين إلى إرسال الطرف إليهن.
ومنذ هاجر الجركس من القافقاس بعد الحرب الروسية التركية سنة ١٢٩٤ إلى الشام وأسكنتهم الدولة العثمانية في بعض قرى منبج وحمص