وقالوا سيحمله أدهم ... وقد فيل فزان من دونه=وتلك السموم وتلك الحمم
وبعض بسجن عليه قضى ... وبعض بضرب عليه حكم
وكرد علي غدا عبرة ... ففات ومنه الرجاء انصرم
فيا كرد لا تحزننك الخطوب ... فإن الهموم بقدر الهمم
ومن رام أن يتعاطى البيان ... توقًّع أن يبلى بالنفم
فذي حرفة القول حرّيفة ... وكم أدركت من لبيب وكم
وكم نكتة أعقبت نكبة ... وكم من كلام لقلب كلم
ومن بالكتابة أبدى هوىً ... فإن الكآبة منها القسم
فيا كرد صبراً على محنة ... فكم محنة شيبت من لمم
وصبراً على ورقات لها ... عيون المعاني يُبًكذين دم
وواهباً لباقات زهر غدوت ... لها جامعاً يا أخي من قدم
أزاهر تسهر في جمعها ... فلا غرو إن فاح عرف فنم
وما نمَّ إلا بنشر ذكي ... وطيب يفوق عرار الأكم
فقولوا لواش بكرد علي ... نشرت الثنا حين حاولت ذم الخ
كان التضييق علي في الشام يزيد كما استفاضت شهرتي، والشهرة حقيقة كانت على صاحبها آفة في الدور الحميدي، فرأيت بعد طول التأمل أن المقام فيه عبثاً، فأخذت بالاستعداد للهجرة إلى مصر لأصدر مجلة المقتبس، فأصدرتها في أول سنة ١٣٢٤هـ، وتوليت معها رئاسة تحرير جريدة الظاهر اليومية، وبعد سنة عينت أمير سر تحرير جريدة المؤيد. والجرائد ثلاث التي توليتها في مصر هي الرائد المصري والظاهر والمؤيد وكانت من الصحف التي تصدع بالوطنية المصرية، وتنتقد سياسة المحتلين، ولذلك كثر أصدقائي من الوطنيين لالمصريين، فعددت بهم مصر وطني الثاني، وكادوا هم يعدونني منهم. وقد آزرت في مجلة العالم الإسلامي الباريزية التي ما زالت تصدر في باريز باللغة الفرنسية إلى عهد قريب. حتى إذا حدث الانقلاب العثماني ١٩٠٨م رجعت إلى دمشق وأصدرت في ١٧ كانون الأول