للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

مبرأ مما نسب إلي. وفي سنة ١٩١٢ أقام نفس الوالي الحميدي دعوى على المقتبس وقبض على مديره المسؤول المرحوم أخي أحمد، وأخذ عالماً من علماء المدينة اسمه الشيخ إبراهيم الأسكوبي، وأرسلهما إلى الآستانة فسجنا مدة، وذلك بتهمة أن المقتبس نشر قصيدة لهذا العالم تمس الآل السلطاني.

والحقيقة أنها تأوهات ونصائح، وكان نشأت في جريدة من جرائد الشام قبل أن

تنتشر في المقتبس بعشرين يوماً. أما أنا فتمكنت من الفرار كالمرة الأولى، وهبطت مصر عن طريق البر مع تجار الجمال. ودخلت الإسماعيلية بعد سير أربعة عشر يوماً، قطعن فيها الشام من الوسط إلى أقصى تخومها الجنوبية. ثم برأت مما نسب إلي كالمرة الأولى، وعدت إلى دمشق بعد ستة أشهر، وعاد المقتبس إلى الصدور. إلا أن الوالي كان تمكن من إجبار أحد أخوتي على بيع مربعتن، فاباعها بثمن بخس، فأضيفت الخسارة بها إلى ما خسرناه في إغلاق صحيفتنا السياسية مرتين. ولم يعوض علينا أحد شيئاً مما خسرناه. واكتفى المقتبس إلى ذاك حين باشتراكاته وإعلاناته ومطبوعاته فقط. وقد استقبلت يوم عودتي إلى دمشق وكما يستقبل العظماء، فضحكت من تبدل الرأي العام، وبالغ بعض من استقبلوني بالحفاوة، وهم يزيدون على ألفين، كانوا يوم وقعت في الدعوة ينكرون عملي في انتقاد الحكومة، ومن قبل كانوا يصفقون ويستحسنون، وينحنون ويدعون، فلم أدر وجهاً برضاهم ولا لغضبهم، فكتبت إلى صديقي المرحوم العلامة رفيق بك العظم أقول له: إن القوم لا قوني في دمشق في هذه المرة كما يلاقون الملك. فلم أفرح لهذا الإقبال، ولا ساءني ذلك الإدبار، وعجبت لجنون من ينخدع بالجماعات الذين لا يثبتون بحال على أفكارهم.

وفي سنة ١٩١٣ زرت إيطاليا وسويسرا وفرنسا والمجر والآستانة، وكتبت ٣٣ في وصف مدينة تلك المماليك. وكان الداعي إلى هذه الرحلة الثانية البحث عن المخطوطات التاريخية التي نقل عنها بالتصوير الشمسي صوراً، الأمير ليوني كايتاني من علماء إيطاليا وعظمائها. وقبل نشوب الحرب العامة ببضعة أشهر وقف والي دمشق المقتبس، بدعوى أنه نشر عبارة في كشف الحجاب، وهي منقولة عن الصحف التركية، والحقيقة أن المقتبس

<<  <  ج: ص:  >  >>