في البحر لتقيم على السواحل الشامية، فنزل الواسطي فلسطين وهو خائف من خمارويه أن يوقع به لأنه كان أشار عليه بقتل أخيه العباس، فكتب إلى أبي أحمد الموفق يصغر أمر خمارويه ويحرضه على المسير إليه، فأقبل من بغداد وانضم إليه إسحاق بن كنداج ومحمد بن أبي الساج، ونزل الرقة فتسلم قنسرين والعواصم وسار إلى شيزر، فقاتل أصحاب خمارويه وهزمهم ودخل دمشق، فخرج خمارويه في جيش عظيم، فالتقى وأحمد ابن الموفق بنهر أبي فُطرس واقتتلا، فانهزم أصحاب خمارويه وكان في سبعين ألفاً وابن الموفق في نحو أربعة آلاف، واحتوى على عسكر خمارويه بما فيه ومضى خمارويه إلى الفسطاط، وأقبل كمين له، عليه سعد الأعسر، ولم يعلم بهزيمة خمارويه فحارب ابن الموفق حتى أزاله عن المعسكر وهزمه اثني عشر ميلاً ومضى إلى دمشق فلم يفتح له، وسار سعد الأعسر والواسطي، فملكا دمشق، وخرج خمارويه من مصر فوصل إلى فلسطين، ثم عاد إلى مصر، ثم خرج سنة ٢٧٢ فقتل سعداً الأعسر ودخل دمشق.
قال ابن عساكر: وسعد الأعسر ويقال الأعسر التركي ولي إمرة دمشق من قبل أبي الجيش خمارويه بن أحمد بن طولون ٢٧٢، ولما قتل في قصر نخلة فيما بين
الرملة وبيت المقدس اضطرب الناس بدمشق. وكان سعد الأعسر قد فتح طريق الشام للحاج، لأن الأعراب كانوا قد تغلبوا على الطريق قبل ولايته، وكان قد بطل الحج من طريق الشام قبل ثلاث سنين، فخرج سعد إلى الأعراب وواقعهم وقتل منهم خلقاً عظيماً وفتح الطريق للحاج، وكانت وقائعهم في المحل المعروف بالقسطل، فأحبه أهل دمشق، واغتموا لقتله، فصاح الناس بدمشق وضجوا في المسجد الأموي ودعوا على من قتله، وافتتن البلد حتى وافاهم أبو الجيش ابن خمارويه فمهد الأمور وبعث إلى طريق الحاج من أصلحها، وفرق في دمشق مالاً عظيماً على الفقراء والمساكين والمستورين وأهل العلم، ومال إليه أهل دمشق وأحبوه. ولما تغلب الأعراب على بعض النواحي وجه