جماعة فقتلهم أجمعين، ثم قتل البهائم وأباد أهل بعلبك، وعندها صحت عزيمة الخليفة المكتفي فأرسل من العراق جيشاً، والى الطولونيين فأرسلوا من مصر جيشاً آخر فواقعوهم في كناكر وكوكب، فأصبح القرامطة بين جيشين جيش الطولونيين من أمامهم وجيش الخليفة من ورائهم. وكان من أمر جيش العراق أن وصل من طريق الموصل إلى وادي بطنان قرب حلب وفي جملة قواده أبو الأغر فنزع فيما ذكر جماعة من أصحابه ثيابهم، ودخلوا الوادي يتبردون بمائه، وكان يوماً شديد الحر، فبينما هم كذلك إذ وافى جيش القرمطي فكبسهم على تلك الحالة فقتل منهم خلقاً كثيراً، وانتهب العسكر وأفلت أبو الأغر في جماعة من أصحابه، فدخل حلب وأفلت معه مقدار ألف رجل، وكان في عشرة آلاف بين فارس وراجل، وكان قد ضمّ إليه جماعة ممن كان على باب السلطان من قواد
الفراغنة ورجالهم، فلم يفلت منهم إلا اليسير، ثم صار أصحاب القرمطي إلى باب حلب فحاربهم أبو الأغر ومن بقي معه من أصحابه وأهل البلد، فانصرفوا عنه بما أخذوا من عسكره من الكراع والسلاح والأموال والأمتعة، ومضى المكتفي بمن معه من الجيش حتى انتهى إلى الرقة فنزلها وسرّح الجيوش إلى القرمطي جيشا بعد جيش.
وفي سنة ٢٩٠ أيضا تحارب القرمطي صاحب الشامة وبدر مولى ابن طولون، فانهزم القرمطي وقتل من أصحابه خلق كثير ومضى من سلم منهم نحو البادية فوجه المكتفي في أثرهم الحسين بن حمدان وغيره من القواد.
وكان المكتفي عهد بإمارة الشام إلى أحمد بن كيغلغ سنة ٢٩١ وصار هذا إلى مصر لقتال الخليجي الثائر، فواقعه بالقرب من العريش فانهزم أقبح هزيمة فطمعت القرامطة في دمشق لغيبة ابن كيغلغ عنها، فنهبوا فيها وساعدهم أن بعض السكان دانوا بمذهبهم، ثم سار القرامطة إلى طبرية ٢٩٣ وقتلوا أكثر أهلها رجالا ونساء وأولادا. وقال المسعودي: إن القرمطي الذي خرج يكنى أبا غانم وقد خرج في جمع من كلب وقوي أمره وكثر أتباعه، فوجه الخليفة إلى القرامطة الحسين بن حمدان بن حمدون فحاربهم إلى أن ظفر بهم وأحضر رأس صاحبهم إلى بغداد، وكان القرمطي في طريقه إلى طبرية مر بمدينتي بصرى وأذرعات