الروم أربع ضياع بما حوت، فراسل سيف الدولة ملك الروم وبذل له مالاً يعطيه إياه في ثلاثة أقساط فقال: لا أجيبه إلا أن يعطيني نصف الشام، فإن طريقي إلى ناحية الموصل على الشام. فقال سيف الدولة: لا أعطيه حجراً واحداً. ثم جالت الروم بأعمال حلب، وتأخر سيف الدولة إلى ناحية شيزر، وأنكب العرب في الروم غير مرة وكسبوا كثيراً، ونزل عظيم الروم على إنطاكية يحاصرها ثمانية أيام ثم رحل عنها.
قل المنتقضون على سيف الدولة لبطشه، وممن خالفه بنو كلاب ٣٤٣ فحاربهم وكان اصطنعهم حتى استطالوا على العرب، وأوقع ببني عقيل وقشير وبني العجلان وبني كلاب حين عاثوا في عمله وخالفوا عليه. وهذه الغزوات تعد في باب المناوشات لا الحروب مثل غزوة سيف الدولة للمبرقع الذي دعا الناس إلى نفسه، والتفت عليه القبائل، وافتتح مدائن من أطراف الشام وأسر أبا وائل تغلب بن داود بن حمدان، وهو خليفة سيف الدولة على حمص، وألزمه شراء نفسه بعدد من الخيل وجملة من المال، فأسرى سيف الدولة من حلب حتى لحقه في اليوم الثالث بنواحي دمشق فأوقع به ووضع السيف في أصحابه فلم ينج إلا من سبق فرسه، وعاد سيف الدولة إلى حلب ومعه أبو وائل وبين يديه رأس الخارجي على رمح. وممن خالفه أهل إنطاكية سنة ٣٥٤ وعليهم رشيق النسيمي فسار إلى جهة
حلب وحاصر قلعتها ثلاثة أشهر وعشرة أيام، وقاتل قرعويه غلام سيف الدولة وعامله قتالاً شديداً، وكان هذا بميافارقين، فأرسل عسكراً مع خادمه بشارة فقتل رشيق وهرب أصحابه إلى إنطاكية، ولما عاد سيف الدولة اجتمع على حرب ابن الأهوازي والديلمي اللذين قاما مقام رشيق، فقتل هذا الثائران، وقتل من ولاتهما وقضاتهما وشيوخهما خلق.
وذهب قرعويه إلى إنطاكية فجرت بينه وبين الديلمي وقعة انهزم فيها قرعويه وعاد إلى حلب، وسار الديلمي في أثره إلى حلب، فلقيه أصحاب قرعويه ودفعوه إلى إنطاكية. قال ابن قاضي شهبة في حوادث سنة ٣٥٥: إن أهل إنطاكية خرجوا عن طاعة سيف الدولة لاشتغاله بنفسه، فتفرغ لهم وقاتلهم قتالاً شديداً ثم انتصر وأسر خلائق من أهلها، فصادر أعيانهم