إليها بإشارة المصريين، فهربت العساكر الإخشيدية من القائد جوهر الذي جاء مصر في مائة ألف محارب وألف وخمسمائة جمل تحمل الذهب والفضة، واتفق أن ورد القرامطة إلى دمشق، وأتوا عليها وعلى سائر أعمالها، وساروا إلى الرملة ولقيهم الحسن بن عبيد الله بن طغج، ووقع بينهم حرب عظيمة بظاهر الرملة في ذي الحجة سنة ٣٥٧، فانهزم ابن عبيد الله من الشام ودخل إلى مصر، فاستولت القرامطة على الرملة واستباحوها، فقاطعهم أهلها على مائة وخمسة وعشرين ألف دينار، شروا بها أنفسهم منهم وأخذوا من أعمالهم بشراً كثيراً. وإذ رأى الروم أن مصر قد عبثت بها الفوضى، وأن الشام في ضعف ووهن، أغاروا على الشام
٣٥٨ فقتلوا وسبوا في حمص والثغور وقتلوا خلائق وسبوا نحو مائة ألف إنسان، وخاف المسلمون، ولم يشكوا في أن الروم يملكون الشام ومصر والجزيرة وديار بكر لخلو الجميع عن المانع. فأقام جوهر الخطبة للمعز الفاطمي. قال المسبّحي: لما استقر المعز بمصر انفرد بها ولم يدخل تحت طاعة الخلفاء العباسية وادعى الخلافة لنفسه بمصر وقال: نحن أفضل من الخلفاء العباسية لأننا من ولد فاطمة بنت رسول الله. ولما استقرت قدم جوهر بمصر، سير جمعاً كثيراً مع جعفر بن فلاح إلى الشام فبلغ الرملة وبها الحسن بن عبيد الله بن طغج، وجرت بينهما حرب أُسر عقيبها ابن طغج واستولى جعفر على فلسطين، وجبى أموالها ثم سار إلى طبرية، فوجد أهلها قد أقاموا الدعوة للمعز قبل وصوله، فجهز منها من استمال من بني مرة وفزارة لحرب بني عقيل بحوران والبثنية وأردفهم بعسكر من أصحابه، فواقعوا بني عقيل وهزموهم إلى أرض حمص، وسار هو من طبرية إلى دمشق، فقاتله أهلها فظفر بهم وملكها بعد فتن وحروب ونهب بعضها وأحرق الآخر. وأقام الخطبة للمعز سنة ٣٥٩ وقطعت الخطبة العباسية، واستقرت دمشق للمعز الفاطمي. وأصبح بنو عبيد الفاطميون خلفاء مصر والشام والمغرب.
وكان رئيس الثورة بدمشق سيدها وصدرها في عصره أبو القاسم بن أبي يعلى الهاشمي العباسي. فأخذه جعفر بن فلاح وشدَّه على جمل،