للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

أذانهم وصلواتهم، فشق عليهم ذلك وعزموا أن يقفوا للفاطميين بالمرصاد. ومن ذلك ما وقع سنة ٣٦١ من التقاء سعد أمير عرب الشام بحسان بن جراح الطائي في عربه، واتفقا على أن ينزعا حكم مصر من الشام، وكان جيش المعز حارب عرب الشام في حوران حرباً دامية، فأرسل المعز إلى حسان ووعده بمائة ألف دينار إن خذل أمير الشام. ولما دارت الحرب بينهما

انهزم حسان بالعرب فضعف جانب سعد وقوي عليه المعز وكسره. وقطعت خطبة المعز من دمشق أيام القرامطة وبقيت إلى أن استردها سنة ٣٦٣ وأرسل المعز قائده ظالم بن موهوب والياً على دمشق فعظم أمره وكثرت جموعه ثم وقع بينه وبين أهلها فتن دامت إلى سنة ٣٦٤.

وتفصيل ذلك أن المعز سير القائد أبا محمود يتبع القرامطة فنزل بظاهر دمشق، وامتدت أيدي أصحابه بالعبث والفساد وقطع الطرق، فاضطرب الناس وخافوا، فوقعت فتنة عظيمة بين عسكره وبين العامة، وجرى بين الطائفتين قتال شديد وظالم بن موهوب مع العامة، فأحرق جانب من المدينة وهلك جماعة من الناس، وعادت الفتنة بعد أن اصطلح المتقاتلون إلى شدتها بينهما ٣٦٤ واتفقوا على إخراج ظالم من البلد، ووليه جيش بن الصمصامة، وعاد المغاربة أي جيش الفاطميين وعاثوا وأفسدوا فثار العامة وقاتلوهم، ثم زحف جيشه في العسكر إلى البلد وقاتله أهله فظفر بهم وهزمهم، وأحرق من المدينة ما كان سلم، ودام القتال بينهم أياماً، فاضطرب الأهلون وخافوا وخربت المنازل وانقطعت المواد، وانقطع الماء والميرة عن البلد، وهلك الفقراء على الطرقات جوعاً وبرداً، ووصل الخبر إلى المعز فأنكر ذلك واستبشعه، فأرسل إلى القائد ريان الخادم والي طرابلس يأمره بالسير إلى دمشق لمشاهدة حالها وكشف أُمور أهلها.

واتفق أن أفتكين غلام عضد الدولة انهزم في خلال هذه الأيام من المدائن فنزل على حمص في طائفة من الترك والأعراب، وكان الأحداث قد غلبوا على دمشق وليس للأعيان معهم حكم، فخرج أشرافها وشيوخها يظهرون السرور بمقدم أفتكين ويبايعونه على الطاعة لينقذهم من المصريين، فنزل على دمشق وأخذها من ريان الخادم. وأقام العدل في الناس وكفَّ

<<  <  ج: ص:  >  >>