وقاتلها مدة ثم رجع عنها لما سار إليها دوفس إنطاكية، وحاصرها هذا أشد حصار، فاستنجد الملايطي المقيم بها بجيش بن الصمصامة بدمشق، فسار إليه في عساكر ضخمة، وانتشبت الحرب بينهم، واستظهر عليه الدوقس، وقتل منهم مقتلة عظيمة وأخذت البادية سواد عسكر المغاربة، وبلغت الهزيمة إلى بعلبك، وقتل الدوقس فعادت الهزيمة على الروم فقتل منهم زهاء ستة آلاف وأسر أبناء الدوقس وجماعة من رؤساء عسكره، وحملوا إلى مصر وأقاموا بها عشر سنين ثم فودي بهم.
وسار جيش بن الصمصامة إلى شيزر فخف ملك الروم بنفسه ففتحها وشحنها بالأرمن، وسار عنها إلى حصن أبي قبيس فأخذه بالأمان وسار إلى حصن مصيات. فملكه أيضاً وأخربه وسار إلى رفنية فأحرقها وسبى أهلها وتوجه يحرق ويسبي إلى أن بلغ حمص فنزلها وتحصن منها نفر في كنيسة مار قسطنطين تحرماً بهاً. فلما علم الرؤوس من أهل عسكره أحرقوها، وكانت كنيسة معجزة وحمل نحاسها ورصاصها، وسار الملك إلى قرب بعلبك واستصرخ جيش من دمشق إلى مصر بكتبه ووصف كثرة الجموع التي للروم فجردت إليه العساكر وكوتب كل والٍ بالشام بالمسير معه، فساروا حتى اجتمع بدمشق من العساكر كما قال الأنطاكي ما لم يجتمع فيها للإسلام مثله، ورجع ملك الروم عن طريق الساحل وأحرق عرقة وهدم حصنها ثم نزل على طرابلس ٣٨٩ وحاربها براً وبحراً، ثم رحل إلى إنطاكية، وافتتح حصن أبي قبيس بالأمان.
وامتدت ولاية منجوتكين في إمرة الجيوش الشامية إلى ما بعد سنة ٣٨٦ وكان ظالماً جباراً ساءت سيرته في ولايته دمشق وحمص وكثر ظلمه. وولي إمرة دمشق بشارة الإخشيدي من قبل برجوان الخادم الحاكمي ٣٨٨ وكان ولي طبرية قبل أن يلي دمشق مدة سنين. وكان أهل صور قد عصوا ٣٨٧ وأمَّروا عليهم
رجلاً ملاحاً يعرف بعلاقة. ضرب السكة باسمه وكتب عليها عز بعد فاقة الأمير علاقة فأرسل عليه الفاطميون أسطولاً فاستجار علاقة بملك الروم فأنفذ إليه عدة مراكب مشحونة بالرجال والمقاتلة، والتقت هذه المراكب بمراكب المسلمين فاقتتلوا فظفر المسلمون