للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

في خمسمائة فارس، ورأى من في حصن أفامية من المسلمين ما أصاب إخوانهم فأيسوا من نفوسهم.

قالوا: وكان الدوقس عظيم الروم في هذه الوقعة بعد أن تراجع المسلمون على رأسه راية وبين يديه ولداه وعشرة خيالة، فقصده أحمد بن الضحاك الكردي على فرس جواد، فظنه عظيم الروم مستأمناً، فلما قاربه طعنه الكردي فقتله فانهزمت الروم وتراجع المسلمون فركبوا أقفيتهم قتلاً وأسراً وألجئوهم إلى مضيق في الجبل وأسروا ولد الدوقس، وحمل إلى مصر من رؤوسهم عشرون ألف رأس وألف أسير.

وعاد جيش إلى دمشق فاستقبله أهلها، فخلع على وجوه الأحداث وحملهم على الخيل والبغال، ووهب لهم الجواري والغلمان، وعسكر بظاهر البلد وأخلوا له قرية بيت لهيا ليكون مقامة بها، وتوفر على استعمال العدل وتخفيف الثقل، فاستخص رؤساء الأحداث واستحجب جماعة منهم، ثم أوقع بهم كلهم، ودخل البلد وثلم السور من كل جانب، واستغاث الناس به ولاذوا بعفوه، فكفّ عنهم واستدعى الأشراف استدعاء حسن ظنهم فيه، فلما حضروا أخرج رؤساء الأحداث وأمر بضرب رقابهم بين أيديهم، ثم صلب كل واحد في محلته. وجرد إلى المرج والغوطة قائداً وأمره بوضع السيف فيمن بها من الأحداث فقال: إنه قتل ألف رجل منهم، حتى إذا فرغ من ذلك كله قبض على الأشراف وحملهم إلى مصر واستأصل أموالهم ونعمهم، ووظف على البلد خمسمائة ألف دينار. وكان عدد من

قتلهم ثلاثة آلاف رجل، واحتال للقضاء على هؤلاء الأحداث بأن جعل يبسط الطعام كل يوم لهم ولمن يجيءُ معهم من أصحابهم، فكان يحضر كل إنسان منهم في جمع من أصحابه وأشياعه، وأمرهم إذا فرغوا من الطعام أن يحضروا إلى حجرة يغسلون أيديهم فيها، وأمر أصحابه إذا دخل رؤساء الأحداث الحجرة أن يغلقوا بابها عليهم ويضعوا السيف في أصحابهم، فلما كان الغد حضروا الطعام، وقام الرؤساء إلى الحجرة، فأغلقت الأبواب عليهم وقتل من أصحابهم نحو ثلاثة آلاف رجل.

<<  <  ج: ص:  >  >>