إلى الرملة ودخلها، وأباح للعرب نهبها وصادر الأموال وأقام الدعوة لأبي الفتوح الحسن بن جعفر الحسني أمير مكة يومئذ وأسماه أمير المؤمنين ولقبه الراشد لدين الله، وضرب له السكة واستحوذت العرب على جنوب الشام وملكوه من الفرما إلى طبرية وحاصروا حصون السواحل مدة طويلة ولم يمكنهم أخذ شيء منها.
واستدعى ابن الجراح أبا الفتوح الحسني من مكة فسار إلى الشام ووصل إلى الرملة ودخلها راكباً فرساً ونزل في دار الإمارة بها، وأنشأ كتاباً قرىء على الناس بأن لا يقبل له أحد الأرض، وأن هذا شيء ينفرد به الله عز وجل، وجلب معه أموالاً كثيرة من الحجاز فأكلها العرب وحجزوا عليه وأشرف على ضعف أمره. وقد كان الحاكم بذل فيه أموالاً جسيمة لحسان بن المفرج فأشار على أبي الفتوح بالرجوع إلى طاعة الخليفة العلوي وأوصلوه إلى مأمنه، فلما عاد إلى مكة
أقام الدعوة للحاكم على الرسم السالف بعد أن كان أقامها لنفسه، وكتب إلى الحاكم يعتذر فقبل عذره ووصله وأحسن إليه.
وحصل الشام في أيدي بني الجراح وأقاموا متغلبين عليه إلى المحرم سنة أربع وأربعمائة وعظمت مصادرتهم للناس مرة بعد أخرى وعسفهم إياهم، فهرب من النصارى خلق كثير توجهوا إلى الروم وقصد أكثرهم اللاذقية وإنطاكية وقطنوهما. استقل ابن الجراح سنتين وخمسة أشهر في الشام ولم يرسل الحاكم عليه عسكراً، ثم سير القائد علي بن فلاح في جيش كبير جمع فيه معظم رجال مملكته، وكوتبت الجيوش في دمشق والسواحل بلقائه، وسارت العساكر من الجهتين نحوه فاتفق في الحال أن مات المفرج بن دغفل بن الجراح واتصل بأولاده، قصد العساكر إليهم فذهبوا مع العرب إلى البرية وتخلوا عن الرملة وغيرها من الأقاليم التي غلبوا عليها.
ولى الحاكم عهده لأبي القاسم عبد الرحمن بن الياس وجعله الخليفة بعده ٤٠٤ ودعي له على المنابر ونقش اسمه على السكة، وحصل بدمشق وفسح لأهلها في شرب القهوة وسماع الأغاني فأحبوه ومقته الجند