راشد بن سنان أمير بني كلاب وحمله إلى صور فاعتقله بها، وخرج أمير الأمراء رفق الخادم على عسكر تبلغ عدته نحو ثلاثين ألفاً بلغت النفقة عليه أربعمائة ألف دينار يريد الشام ومحاربة بني مرداس، فحاربه الحلبيون فانهزم المصريون وأُسر رفق ومات في حلب. قال ابن ميسر: وتقدم المستنصر إلى جميع ولاة الشام بالانقياد لرفق، فوافى بالرملة رسول ملك القسطنطينية واصلاً بالصلح بين المستنصر وبني مرداس فقتل رفق، وجرت بالرملة ودمشق أمور آلت إلى حرب بين العسكر مدة أيام بباب توماء من دمشق.
وجهز ثمال إلى معرة النعمان والياً أساء التدبير فانحرف عنه القوم وآل أمره إلى الهرب، فبادر جعفر أمير حمص وتجهز إلى المعرة بنفسه ولقيه مقلد بن كامل بن مرداس فأوقع به وقتله وشهر رأسه بحلب. وحصر ثمال امرأة الدزبري وأصحابه بالقلعة أحد عشر شهراً وملكها سنة ٤٣٤. وكان ثمال جمع للمصريين خمسة آلاف فارس وراجل فقاتلهم ثلاثة أيام، فلما رأى المصريون صبر ثمال وكانوا ظنوا أن أحداً لا يقوم بين أيديهم، رحلوا عن المدينة. والسبب في قتال ثمال أنه كان قرر على نفسه أن يحمل كل سنة عشرين ألف دينار عما في يده ويد عشيرته إلى صاحب مصر، فتأخر الحمل سنتين. ثم أرسل الهدايا إلى المصريين وأصلح أمره معهم، ونزل لهم عن حلب فانفذوا إليها الحسن بن علي ابن ملهم فتسلمها من ثمال سنة ٤٤٩ بعد حروب طويلة.
وفي سنة ٤٤٦ نقض الروم الهدنة مع الخليفة الفاطمي وكانوا تعهدوا بأن يطلقوا له أربعمائة ألف أردب من الغلال بسبب الغلاء في مصر، ولم يوفوا بالعهد، فجهز المستنصر عسكراً قدّم عليه ابن ملهم لقصد اللاذقية، فخرج في عساكر
جمة وحاصرها وأتبعهم بعسكر ثان وعسكر ثالث، ونودي في الشام بالغزو إلى الروم، وحاصر ابن ملهم قسطون بالقرب من أفامية، وضيق على أهله، وجال في أعمال إنطاكية ونهبها وسبى منها.
وفي سنة ٤٤٧ سير المستنصر فقبض على جميع ما في كنيسة القيامة بالقدس، لأن صاحب الروم أذن لرسول طغرلبك السلجوقي أن يصلي في