كلرمون وحضره ألوف من الفرسان، ليحرض المؤمنين من النصارى على حمل الصليب لفتح القبر المقدس. فوعد جمهور كبير من جميع طبقات الشعوب أن يرحلوا إلى فلسطين. واتخذوا شعار الحملة الصليبية صليباً من القماش الأحمر يجعل على الكتف الأيمن. وكثر المشتركون بهذه الحملة في إيطاليا وإنكلترا ولا سيما في فرنسا. ومنحهم البابا غفراناً عن جميع خطاياهم، وشجب كل من يمس أموالهم مدة سفرهم. ولم ينتظر العامة ريثما تجمع الجيوش المتحدة التي أبطأ تنظيمها، بل سافروا بدون سلاح، غير آخذين بالحزم في التأهب للرحلة. وكان هذا شأن عصابات البائسين الذين جمعهم بطرس الراهب وغوتيه المعدم سانزافور ومن لم يهلك من هذه العصابات في الطريق أهلكه الترك.
وفي أواخر سنة ٤٩٠هـ - ١٠٩٦م اجتمع في القسطنطينية أربعة جيوش متحالفة من اللورين والألمان بقيادة بودوين دي هينو، وفرنسيين من الشمال بقيادة القومس فرماندوا ودوق نورمنديا، وبرفنسيون بقيادة قومس طولوز، ونورميون من إيطاليا بزعامة بوهيموند دي ترانت وتنكري ولم يكن مع هذه الأمم ملك من ملوكهم، ولم يتفق رأي الغزاة على نصب ملك يرتضونه ويرجعون إليه. وكان الأمير الكسيس كومنين ملك الروم يرجو استخدام الجيوش الصليبية لفتح آسيا الصغرى، واسترجاعها من أيدي المسلمين، فصانعوه ولكن ما لبث البيزنطيون واللاتين أن تباغضوا واحتقر بعضهم بعضاً. وبعد سنتين ونصف مضت في المصائب الهائلة والجدال العنيف، استولى الصليبيون في طريقهم على نيقية لحساب الإمبراطور، وكسروا جيش سليمان في دوريليوم أسكيشهر واستولوا على الرُّها ١٠٩٧ وعلى إنطاكية ١٠٩٨ وبلغوا القدس واستولوا عليها ٤٩٢هـ ١٠٩٩م. وربما هلك في هذه