في البحر الغلة والميرة ووالياً من قبله فتسلم البلد. وأسرى صاحب دمشق إلى طبرية وفرق عسكره فرقتين، نفذت إحداهما إلى فلسطين، وأغار بالثانية على طبرية، وأحاطت الخيل بصاحب طبرية وبأصحابه فقتل أكثرهم. ونهض صاحب القدس إلى صيدا براً وبحراً ونصب برج الخشب عليه، ووصل الأسطول المصري فظهر على مراكب الفرنج وعسكر البر
واتصل بهم نهوض العسكر الدمشقي لحماية صيدا فرحلوا عنها.
وتسلم الفرنج عرقة بالأمان ٥٠٢، وكان أنجدها صاحب دمشق فعاقته الثلوج والأمطار عن الوصول إليها، فرجع إلى حصن الأكمة مقاتلاً، ثم رحل عنه شبه المنهزم إلى حمص. ونزل الفرنج على طرابلس وشرعوا في قتالها ومضايقة أهلها زهاء أربعة أشهر، فشمل اليأس أهلها لتأخر وصول الأسطول المصري في البحر، فملكها الفرنج بالسيف ونهبوا ما فيها وأسروا رجالها وسبوا نساءها وأطفالها وحصل في أيديهم من أمتعتها وذخائرها ودفاتر دار علمها، وما كان منها في خزائن أربابها، ما لا يحد عدده ولا يحصر، ونزل بأهلها أشد البلاء، وتقرر بين الفرنج والجنويين على أن يكون للجنويين الثلث من البلد وما نهب منه، والثلثان لريمند بن صنجيل وأفردوا للملك بغدوين من الوسط ما رضي به. وذكر النويري أن السبب الذي دعا أهل طرابلس إلى التسليم، أنهم بينا كانوا ينتظرون وصول النجدة بحراً من مصر، جاءهم رسول منها على مركب يطلب منهم لاسم الخليفة الفاطمي جارية جميلة كانت في طرابلس وخشب مشمش يصلح لعمل عود وغيره من آلات الطرب.
وبعد فتح طرابلس سار الفرنج إلى جبلة، وسار جاولي إلى بالس، فهرب من بها من أصحاب الملك رضوان صاحب حلب، فحصرها خمسة أيام وملكها بعد أن نقب برجاً من أبراجها. وافتتح السرداني المتغلب على عرقة حصن بانياس، ونزل على ثغر جبيل وفيه ابن عمار فخرج منه بالأمان، ووصل الأسطول المصري بعد أخذ طرابلس فأقام بالساحل مدة وفرقت الغلة في جهاتها، وتمسك به أهل صور وصيدا وبيروت، وشكوا ضعفهم عن مقاومة الفرنج. وفيها كان المصاف بين جاولي وبين