للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

الخبر إلى الأفضل بمصر فأنكر ذلك، وجهز عسكراً كثيفاً إلى عسقلان، فلما قرب منها أظهر شمس الخلافة على الأفضل فغالطه الأفضل، وخاف شمس الخلافة من أهل البلد فاستدعى جماعة من الأرمن فأثبتهم في عسقلان، ثم وثب به قوم من كتامة وقتلوه. وسار إلى بغداد رجل من أشراف الهاشميين في حلب وجماعة من الصوفية والتجار والفقهاء، وانزلوا الخطيب في جامع السلطان عن المنبر وكسروه، وصاحوا وبكوا لما لحق الإسلام من الفرنج، ومنعوا الناس من الصلاة، وعملوا في الجمعة التالية مثل ذلك في جامع الخليفة، فأوعز السلطان إلى الأمراء المقدمين بالتأهب للمسير إلى الجهاد.

ووصل رسول ملك الروم بمراسلات للبعث على قصد الفرنج والاجتماع على طردهم قبل إعضال خطبهم، ويقول إنه منعهم من العبور إلى أرض المسلمين وحاربهم، وإذا ضعفت عزائم قومه عن المقاومة، اضطر إلى مداراتهم وإطلاق عبورهم الديار الإسلامية، وبالغ في الحث على حربهم، ونقض بغدوين الهدنة المستقرة بينه وبين صاحب دمشق، فخرج هذا إلى اللجاة ونهض الفرنج في أثره إلى الصنَمين، ففرق صاحب دمشق العسكر من عدة جهات، وبث في المعابر والمسالك خيلاً يمنعهم من حمل الميرة إليهم حتى ألجأهم إلى المسالمة، على أن يكون لبغدوين النصف من ارتفاع جبل عوف والسواد والحيَّانية مضافاً إلى ما في يده من هذه الأعمال التي تليها في أيدي العرب من آل جراح.

لما قرر ملك بغداد إنهاض العسكر عقيب استغاثة الشاميين بالخليفة والسلطان تقدم من الأمراء لإنجادهم على قتال الصليبيين صاحب الموصل، فافتتح تل مراد وعدة حصون هناك بالسيف والأمان. ووصل إليه الأمير أحمديل الكردي في عسكر كثيف، والأمير قطب الدين سقمان من بلاد إرمينية وديار بكر وصاحب همذان فنزلوا على تل باشر ونقبوه فأنفذ جوسلين صاحب تل باشر إلى الأمير أحمديل يلاطفه ويهاديه ويبذل له الكون معه والميل إليه، وكان أكثر العسكر مع أحمديل وسأله الرحيل عن الحصن فأجابه إلى ذلك على كراهية من باقي الأمراء، وعادوا عن

<<  <  ج: ص:  >  >>