الدين محمد صاحب بعلبك فبعثت والدته الخاتون صفوة الملك والدة شهاب الدين إلى زوجها عماد الدين زنكي، وهو على الموصل، تبعث همته على النهوض لطلب الثأر، فجاء وفتح الأثارب وبعلبك. وقال بعض المؤرخين: إن زنكي أمن قلعة بعلبك وتسلمها ثم غدر بأهلها فأمر ببعضهم فصلبوا فاستقبح الناس ذلك منه.
ولما رأى صاحب دمشق أن دولة عماد الدين زنكي ستكون لها الغلبة على دولته اعتضد بالفرنج على مال يحمل إليهم ليدفعوا عن دمشق عادية عماد الدين، فسار هذا طالاً للقاء الفرنج إن قربوا منه ثم عاد إلى الغوطة ونزل بعذراء فأحرق عدة ضياع من المرج والغوطة إلى حرستا التين ورحل متثاقلاً. وكان الشرط بين الفرنج وصاحب دمشق أن يكون في جملة المبذول لهم انتزاع ثغر بانياس من يد إبراهيم بن طرغت، فاتفق أن نهض هذا إلى ناحية صور للإغارة عليها، فصادفه ريمند صاحب إنطاكية واصلاً في الفرنج على إنجاد أهل دمشق، فالتقيا فكسره وقتل في الوقعة ومعه نفر يسير من أصحابه، وعاد من بقي منهم إلى بانياس فتحصنوا بها وجمعوا إليها رجال وادي التيم فنهض إليها معين الدين أتسز في عسكر دمشق وحارب بانياس بالمنجنيقات، ومعه فريق وافر من عسكر الفرنج ففتحها وسلمها إليهم.
وجاء عماد الدين بعسكره هذه السنة أيضاً إلى دمشق وقرب من السور، وكان قد فرق عسكره في حوران والغوطة والمرج وسائر الأطراف للغارة، ونشبت الحرب بينه وبين عسكر دمشق، ثم سار عائداً على الطريق الشمالية بالغنائم الدثرة. وسار عماد الدين إلى أرض الفرنج فأغار عليها واجتمع ملوك الفرنج وساروا إليه. وفي الروضتين أنه لقيهم بالقرب من حصن بارين وهو للفرنج، فصبر الفريقان صبراً لم يسمع بمثله، فحاصره حصراً شديداً فراسلوه في طلب الأمان، وكان حصن بارين من أضر كور الفرنج على المسلمين، فإن أهله كانوا قد خربوا ما بين حماة وحلب من الأرضين ونهبوها وتقطعت السبل، كان عماد الدين استولى على هذا الحصن سنة ٥٣١ وأعطى الأمان لمن فيه وقرر عليهم تسليمه، ومن المال خمسين ألف دينار يحملونها إليه. وظهرت عسكرية عسقلان على خيل الفرنج ٥٣٥ الفائزين عليها فعادوا مفلولين. وملك الباطنية حصن مصياف، وكان واليه
مملوكاً لبني منقذ أصحاب شيزر، فاحتال عليه الإسماعيلية ومكروا به حتى صعدوا إليه وقتلوه