للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

في ذلك اليوم وقتل منهم زهاء سبعة آلاف ما بين راجل وفارس، ولم يزل مصابراً لهم وهم في العدة الوافرة، إلى أن ظهر له ضعف المسلمين فصالح وهو مسؤول من جانبهم، فإن الضعف والهلاك كان فيهم أكثر، ولكنهم كانوا يتوقعون النجدة، والمسلمون لا يتوقعونها، وكانت المصلحة في الصلح.

سئل ابن بيرزان يوم انعقاد الصلح عن عدة الفرنج الذين كانوا على عكا وهو جالس فقال للترجمان: قل له كانوا خمسمائة ألف إلى ستمائة ألف قتل منهم أكثر من مائة ألف وغرق معظمهم. وكان صلاح الدين يدور على الأطلاب أي الكتائب

ويقول وهل أنا إلا واحد منكم.

وذكروا من مراحم صلاح الدين أنه كان للمسلمين لصوص يدخلون خيام الفرنج في الليل ويسرقونهم، فسرقوا ليلة صبياً رضيعاً، فباتت أُمه تبكي طول الليلة فقال لها الفرنج: إن سلطانهم رحيم القلب، فاذهبي إليه فجاءته وهو على تل الخروبة راكب فعفرت وجهها وبكت فسأل عنها، فأخبروه بقصتها فرق لها، ودمعت عيناه، وتقدم إلى مقدم اللصوص بإحضار الطفل، ولم يزل واقفاً حتى أحضروه، فلما رأته بكت وأخذته فأرضعته ساعة وضمته إليها، وأشارت إلى ناحية الفرنج فأمر أن تحمل على فرس وتلحق بالفرنج ففعلوا.

قال سبط ابن الجوزي: ويقال إن صلاح الدين فتح ستين حصناً وزاد على نور الدين بمصر والحجاز والمغرب واليمن والقدس والساحل وبلاد الفرنج وديار بكر ولو عاش لفتح الدنيا شرقاً وغرباً. قلنا: إن نابغة الدهر السالف صلاح الدين يوسف كان في أُمته صلاحاً لدينها ودنياها.

<<  <  ج: ص:  >  >>