وكان مع الكامل بدمشق الناصر داود صاحب الكرك فاتفقت آراء الأمراء على تحليف العسكر العادل أبي بكر بن الكامل، وهو حينئذ نائب أبيه بمصر فحلف له جميع العسكر وأقاموا في دمشق الملك الجواد يونس بن مودود بن العادل نائباً عن العادل أبي بكر بن الكامل، وتقدمت الأمراء إلى الناصر داود بالرحيل عن دمشق وهددوه إن أقام، فرحل إلى الكرك وتفرقت العساكر. وأرسل صاحب حمص فارتجع سليمة من صاحب حماة، وقطع القناة الواصلة من سلمية إلى حماة فيبست بساتينها، ثم عزم على قطع نهر العاصي عن حماة فسدّ مخرجه من بحيرة قدس بظاهر حمص فبطلت نواعير حماة والطواحين.
لما بلغ الحلبيين موت الكامل اتفقت آراؤهم على أخذ المعرة ثم أخذ حماة من صاحبها المظفر لموافقته الكامل على قصدهم، ووصل عسكر حلب إلى المعرة وانتزعوها من يد المظفر وحاصروا قلعتها، وخرجت المعرة عن ملك المظفر، ثم
سار العسكر الحلبي ونازلوا حماة ونهبوا أرجاءها، ولما لم يبق بيد المظفر غير حماة وبعرين خاف أن تخرج بعرين بسبب قلعتها فتقدم بهدمها فهدمت إلى الأرض.
وجرى بين الناصر داود صاحب الكرك وبين الملك الجواد يونس المتولي على دمشق مصاف بين جينين ونابلس، انتصر فيه الجواد يونس وانهزم الناصر داود هزيمة قبيحة، وقوي الملك الجواد بسبب هذه الوقعة وكان في عسكر مصر والشام، وتمكن من دمشق ونهب عسكر الناصر وأثقاله. واستولى الصالح أيوب بن الكامل على دمشق وأعمالها بتسليم الجواد يونس وأخذ العوض عنها سنجار والرقة وعانة، ولما استقر ملك الصالح بدمشق وردت عليه كتب المصريين يستدعونه إلى مصر ليملكها، فذهب وجعل نائبه في دمشق، ولده الملك المغيث فتح الدين عمر، وكان الجواد لما يئس من ملك الشام فرق الضياع على الأمراء وخلع عليهم، وفرغ الخزائن وكان فيها تسعمائة ألف دينار. وفي رواية أنه فرق من خزائن دمشق ستة آلاف ألف دينار وخلع خمسة آلاف خلعة.
وفي سنة ٦٣٧ هاجم الصالح إسماعيل صاحب بعلبك ومعه شيركوه