قال ابن العديم: واحترز نواب حلب وجمعوا أهل الأطراف والحواضر واجتمعوا كلهم داخل البلد، وكانت حلب في غاية الحصانة والقوة لأسوارها المحكمة البناء وقلعتها العظيمة، ولم يكن في ظن أحد أنها تؤخذ بسرعة قال: وخرج العوام والسوقة واجتمعوا كلهم بجبل بانقوسا ووصل جمع التتر إلى أسفل الجبل، وكمنوا على القرية المعروفة ببابلا ثم كر التتر منهزمين ثم رجعوا وقتلوا من المسلمين جمعاً كثيراً من الجند والعوام. وقتل هولاكو في حلب أكثر ممن قتل في بغداد. وقال ابن تغري بردي: إن هولاكو حاصر حلب ستة أيام ثم أوقع بها خمسة أيام حتى لم يبق بها أحد، ووصل إلى هولاكو على حلب الملك الأشرف صاحب حمص موسى بن إراهيم فأكرمه وأعاد عليه حمص، ثم رحل هولاكو إلى حارم وطلب تسليمها فامتنعوا أن يسلموها لغير فخر الدين والي قلعة حلب فأحضره
هولاكو وسلموها إليه، فغضب هولاكو من ذلك وأمر بهم فقتل أهل حارم عن آخرهم وسبى النساء، ثم رحل هولاكو إلى الشرق وجعل مكان عماد الدين القزويني بحلب رجلاً أعجمياً وأمر هولاكو بخراب أسوار قلعة حلب وأسوار المدينة فخربت عن آخرها وأمر الأشرف موسى صاحب حمص بإخراب سور قلعة حماة فخربت وأُحرقت زردخانتها، ولم تخرب أسوار المدينة لأنه كان بحماة رجل يقال له إبراهيم بن الفرنجية بذل لخسروشاه نائب هولاكو في حلب جملة كثيرة من المال وقال: الفرنج قريب منا في حصن الأكراد ومتى خربت أسوار المدينة لا يقدر أهلها على المقام فيها، فأخذ منه المال ولم يتعرض لخراب الأسوار وكان قد أمر هولاكو الأشرف موسى صاحب حمص بخراب قلعة حمص أيضاً فلم يخرب منها إلا شيئاً قليلاً لأنها بلده، وأما دمشق فإن نائب هولاكو قدم إلى أهلها بالفرمان والأمان فتلقاه كبراء المدينة وأنفذت مفاتيح دمشق إلى هولاكو. قال سبط ابن الجوزي: وكثرت الأراجيف بدمشق بسبب التتر فهرب كثير من الدمشقيين وباعوا أصلهم وخرجوا على وجوههم متفرقين في البراري والجبال والحصون، وصادف ذلك أيام الشتاء وقوة البرد فمات كثير منهم ونهب آخرون. وقال القلقشندي في كلامه على البيت الهولاكو هي: