واستكثر من الأكراد العتمرية من عساكر الشام وجند حلب فيقال إنه اجتمع مائة ألف فارس وراجل فلقيه التتر في عشرين ألفاً، فجرت بينه وبينهم حروب شديدة قتلوا فيها مقدمته، وكانت المقدمة
كلها أو أكثرها من رجال حلب وهم أنجاد أبطال فقتلوا عن آخرهم وانكسر العسكر الرومي، وهرب صاحب الروم حتى انتهى إلى قلعة له على البحر تعرف بإنطاكية فاعتصم بها، وتمزقت جموعه وقتل منهم عدد لا يحصى.
واستأذن نائب السلطنة بحصن الأكراد في الإغارة على المرقب لما اعتمد أهله من الفساد عند وصول التتر إلى حلب فأذن له السلطان في ذلك، فجمع عساكر الحصون فاتفق هروب المسلمين ونزول الفرنج من المرقب فقتلوا من المسلمين جماعة. وترددت الرسل بين السلطان وسنقر الأشقر، واحتاج السلطان لمصالحته لقوة التتر وتفادياً من الاشتغال بالعدو الداخلي والعدو الخارجي، ووقع بينهما الصلح على أن يسلم سنقر قلعة شيزر إلى السلطان ويتسلم سنقر الشغر وبكاس، وكانتا قد ارتجعتا منه وحلفا على ذلك واستقر الصلح بينهما، كما استقر الصلح بين المنصور قلاوون وبين خضر بن الظاهر بيبرس صاحب الكرك.
وبعد أن استقر الصلح بين الأميرين المتوثبين على السلطنة كان المصاف العظيم ٦٨٠ بين المسلمين وبين التتر بظاهر حمص، فجمع قلاوون العساكر من مصر والشام ومن جملتهم عسكر سنقر الأشقر، وجاء الأمراء كلهم في جيوشهم، وكان التتر في ثمانين ألف فارس وفي رواية مائة ألف منهم خمسون ألفاً من المغول والباقي حشود وجموع من أجناس مختلفة مثل الكرج والأرمن والعجم وغيرهم، والمسلمون في خمسين ألفاً فانهزم التتر وتبعهم المسلمون يقتلون ويأسرون. وعقد قلاوون هدنة مع المقدم افرتر كليام ديباجون مقدم بيت الداوية بعكا والساحل وبين جميع الإخوة الداوية بأنطرطوس لمدة عشر سنين، لا ينال بلاده ولا بلاد ولده ولا حصونهما ولا قلاعهما ولا ضياعهما ولا عساكرهما ولا عربهما ولا تركمانهما ولا أكرادهما ولا رعاياهما على اختلاف الأجناس ضر ولا سوء ولا غارة ولا تعرض ولا أذية.
وسارت العساكر الإسلامية إلى فتح جبهة بشري ٦٨١ وحاصروا إهدن