والكسروانيين - وكانوا أعواناً للفرنج والحكومة في دمشق تعمل جهدها لمنع الفرنج عن الاجتماع بأهل كسروان - فحشدت جيوش الشام لمقاتلتهم، فحمل الكسروانيون على الجيش الشامي فقتلوا أكثره وغنموا أمتعتهم وسلاحهم، وأخذوا أربعة آلاف رأس من خيلهم وقدمت الأكراد لنجدتهم، فصدهم كمينان في الفدار والمدفور فلم يخلص منهم إلا القليل وخربوا بعض الغرب، وكان أمراء الغرب التنوخيون مع جيش دمشق فعاد الجرديون فغزوا عين صوفر وشليخ وعين زيتونة وبحطوش وغيرها. ويقول صالح بن يحيى: إن السبب في قتالهم أن الهاربين من وجه التتر من العسكر ٦٩٩ حصل لهم أذية من المفسدين وخصوصاً من أهل كسروان وجزّين وأكثرهم أذية للهاربين أهل كسروان فإنهم بلغوا إلى أن أمسكوا بعضاً منهم وباعوهم للفرنج، وأما السلب والقتل فكان كثيراً إلى أن عاملت الدولة الكسروانيين بما تقدم.
وفي هذه السنة عاودت التتر قصد الشام وساروا إلى الفرات وأقاموا عليها مدة في أزوارها وسار منهم عشرة آلاف فارس، وكانوا كلهم نحواً من خمسين ألفاً عليهم خطلوشاه نائب غازان، وأغاروا على أحد أرجاء القريتين وكانت العساكر قد تجمعت في حماة بقيادة أسندمر الكرجي نائب السلطنة بالساحل ومعاونة عسكر حلب وحماة فاقتتلوا مع التتر في الكوم قريب من عُرض بين تدمر والرصافة فانهزم التتر وقتلوا عن آخرهم، وكان المسلمون ألفاً وخمسمائة فارس والتتر ثلاثة أضعافهم.
ثم سار التتر بجموعهم العظيمة صحبة قطلوشاه نائب غازان بعد كسرتهم على
الكوم ووصلوا إلى حماة فاندفعت العساكر الذين كانوا بها بين أيديهم، واجتمعت عساكر مصر والشام بمرج الزنبقية ثم ساروا إلى مرج الصفّر لما قاربهم التتر وبقي العسكر منتظرين وصول الناصر، وسارت التتر إلى دمشق طالبين العسكر ووصلوا إليهم عند شقحب بطرف مرج الصفّر فالتقى الفريقان واشتد القتال فانهزم التتر ولحق المسلمون أثر المنهزمين إلى القريتين يقتلون فيهم ويأسرون. ووصل التتر إلى الفرات وهو في قوة زيادته فلم يقدروا على العبور والذي عبر فيها هلك، فساروا على جانبها إلى بغداد فانقطع أكثرهم على شاطئ الفرات، وأخذ العرب منهم جماعة كثيرة ورجع غازان من حلب