حتى ضرب به المثل فكان يقال: نعوذ بالله من ثبات شيخ ومن حطمة نوروز الحافظي. هذه رواية ابن إياس بيد أن المقريزي يقول: إنه حدث في أيام هذا الملك أكبر خراب مصر والشام لكثرة ما كان يثيره من الشرور والفتن أيام نيابته بطرابلس ودمشق، ثم ما أفسده في أيام ملكه من كثرة المظالم ونهب البلاد وتسليط أتباعه على الناس، يسومونهم الذلة ويأخذون ما قدروا عليه من غير وازع ولا عقل ولا ناه من دين. وتولى بعد الملك المؤيد شيخ ابنه المظفر أبو السعادات أحمد وهو في القماط فخامر نائب دمشق جقمق الأرغوني ونائب حلب يشبك المؤيدي وكذلك بقية النواب في الشام، وكان الأتابكي ألطنبغا القرشي لما توجه في العسكر المصري أوقع معهم بمن معه
من الأمراء فهربوا إلى نحو صرخد، ثم إن الأتابكي ألطنبغا جمع العربان والعشير ورجع إلى دمشق وأوقع مع نائب الشام جقمق فانكسر جقمق، فملك الأتابكي دمشق وقلعتها، فلما بلغه وفاة الملك المؤيد وسلطنة ابنه أظهر العصيان وأقام بدمشق وحصنها ونصب على سورها المكاحل بالمدافع، والتف عليه العربان والعشير، وبلغ الأمراء بمصر ذلك فخلعوا على ططر واستقروا به أتابك العسكر عوضاً عن ألطنبغا القرشي. ثم اتفق الحال على أن الأتابكي ططر يأخذ السلطان معه في محفة ويتوجه هو والعسكر إلى دمشق بسبب ألطنبغا القرشي والنواب، فخرج ططر من القاهرة وصحبته المظفر أحمد في محفة والمرضعة معه، وكانت أمه خوند سعادات صحبة ابنها في المحفة لما خرج إلى الشام لتأمن عليه من القتل، فدخل المظفر إلى دمشق وألقى الرعب في قلب ألطنبغا وجقمق فحضر ألطنبغا وفي رقبته منديل فقبل الأرض قدام الملك المظفر وهو في المحفة، فلما وقعت عليه عين الأتابكي ططر قبض عليه وسجنه بقلعة دمشق، ثم قبض على جقمق وأمر بخنق جقمق وألطنبغا، ثم قبض على جماعة من النواب وقتل منهم البجاسي نائب دمشق، وقبض على أربعين أميراً من الأمراء المؤيدية وعلى جماعة من المماليك المؤيدية. ثم خلع المظفر أحمد من السلطنة وتسلطن عوضه بدمشق وخطب باسمه على المنابر وكان معه الخليفة المعتضد بالله داود، فكان مثل ططر في هذه الحيلة مثل أكثر عمال هذه السلطنة الشركسية متى اشتد ساعدهم استأثروا بالملك والسلطان.