هذه الحالة بفيلق من الجواري الناقصات من بنات الروس وبولونيا والمجر وفرنسا.
ومما ذكروه في باب إسراف ذاك الدور أنه كان عند دفتر دار محمد باشا ٤٧ طاهياً و ٧ رؤساء طهاة ولكل طاه خدامه وخيامه وأشياؤه وبغاله وجماله حاضرة على الدوام وفي بيت مؤنته من الأواني المرصعة والمذهبة والمفضضة وغيرها ما يبلغ مجموع ثمنه ثروة كبرى. وهكذا أسرف السلطان ورجاله في كل شيء وفسدت الأخلاق ولا من يجسر أن يأمر بمعروف أو ينهى عن منكر حتى قال أبو الفاروق: إن معظم كبراء الأمة ومن كان لهم علاقة بقصر السلطان إبراهيم كانوا يتقربون إليه بتقديم الأبكار الحسان فرأوا القيادة والدياثة أحسن شافع لهم عنده للترقي والاغتناء.
فإذا كان على هذا النحو حال دار الملك وحال قدوة رجال الأمة فيها، فما الحال بالولايات ولا سيما البعيدة كهذا القطر، وكان ولاته كولاة غيره من جماعة القصر ينصب أكثرهم بشفاعة النساء والقوادين والقوادات. على هذا المثال كان أغوات القصر الأغبياء ينصبون الولاة ولا يتركون لهم مجالاً ليقفوا على حال البلد الذي يقضي عليهم إدارته، بل يبدلونهم بغيرهم بعد مدة وجيزة ويبعثون بآخر من هذا الطراز. كل ذلك من مقتضيات الجهل والطمع والشفاعة، فاقتضى أن يكون الوالي من صنائع بعض العظيمات أو العظماء، وكثيراً ما يكون ما جمعه من المال في ولايته داعياً إلى توجيه النظر إليه فيقتل لتصادر أمواله، ولطالما كان قتل العمال مما يروق السلطان لأنه يقبض على أكثر موجودهم، وكم من مرة كانت امرأة أحدهم أو قصره البديع في المضيق في فروق سبباً في الغضب عليه والحسد له، حتى يورده الوزير الأكبر أو غيره حتفه ليتمتع بعده بزوجته أو ليسكن قصره أو ينال غير ذلك.
وذكر أبو الفاروق عند كلامه على مصطفى سلطان وكيف تجرد في قصره عن العالم وحصر وكده في شهواته أن آل عثمان من القديم تفردوا بغلبة شهواتهم عليهم، وقد وقع عارض لمراد الثالث فأخذ أهل القصر السلطاني يتعلمون أدوية الباه من الشرق والغرب وهو يسيء استعمالها.