منهم. ولما كتب النصر للدولة نزلت العقوبة بالثائرين وفي مقدمتهم الأمير منصور وأخوه والشهابيون على ما قاله المحبي في وصف إدارتهم وسيرتهم على عهده: وجورهم بالنسبة إلى أمراء بلاد الشام كالدروز بني معن والرافضة بني الحرفوش وبني سرحان مقصور على أنفسهم من حيث المعتقد فحسب، ومالهم في القديم والحديث كثرة أذية للمسلمين.
ومن مساوي حكومة الإقطاعات أن صغار أمرائها من الشاميين كانوا يضطرون كل الاضطرار إلى المصانعة فتراهم أبداً مع القوي الذي تدوم سعادته إذا ولت عنه ولووا وجوههم، وفي هذا السبيل كانوا يقتلون رجالهم بل يقتل أبناء الأسرة الواحدة بعضهم بعضاً وتخرب بيوتهم وبيوت شملهم وحاشيتهم. والولاة يشدون مع هذا ويرخون لذاك شأنهم مع كل صاحب سلطة وقوة. وهكذا كانوا في معاملتهم لليمنية والقيسية يقوى تارة هؤلاء وطوراً أولئك، فقد وقعت سنة ١٠٧٥ في الغلغول عند برج بيروت وقعة بين القيسية واليمنية قتل فيها عبد الله بن قائد بيه ابن الصواف وانكسرت اليمنية وانهزموا إلى دمشق. واشتدت الحالة على الشام في هذه السنة بسبب الطاعون المنتشر في أرجائها الذي أقفلت به بيوت كثيرة لموت جميع
سكانها حتى إن قاضي حلب ضبط الأموات في حلب فبلغوا ١٤٠ ألفاً وكان القحط عم القطر قبل أربع سنين فجيء بالقمح من مصر وبيعت غرارة الحنطة بثمانين قرشاً. ولم تفتر الحكومة مع ذلك عن حرق الدور والقرى فقد استنجد ١٠٨٢ بنو حيمور أمراء البقاع بحكومة دمشق فأنجدتهم بعسكر فداسوا وادي التيم وحرقوا دور بني شهاب وقراهم. واشتد ظلم بني حمادة في عمل طرابلس وظلموا الرعايا، فخربت القرى وكان في خلال ذلك ١٠٨١ والياً في حلب حسين باشا المعروف بصاري حسن يتلطف بالرعايا وينتقم من ذوي الكبر والمناصب. كما أن ظلم والي دمشق ومتسلمه اشتد سنة ١٠٨٣ فأغلقت المدينة مرتين احتجاجاً على عمله.
وفي سنة ١٠٨٦ - ١٠٨٧ حرقت قرى البترون وفي السنة التالية حرقت قرى جبيل والبترون أيضاً وخلت جبيل من سكانها. وفي سنة ١٠٨٧ أمر والي طرابلس بحريق وادي علمات وهي فرحة وعلمات وعشاق وطورزيا والحصون