وفي سنة ١١٦٠ غزا أسعد باشا العظم البقاع فركب الأمير ملحم الشهابي بعسكره إلى المغيثة ونزل إليه عند بر الياس فانكسر الباشا ووصل الأمير ملحم إلى سهل الجديدة ثم رجع وأحرق جميع قرى البقاع ورجع إلى إمارته منصوراً وهابته الدولة. والسبب في هذه الفتنة تأخر الأمير ملحم في دفع الأموال الأميرية علة العلل وأصل معظم الفتن، وغضب سليمان باشا العظم ١١٦١ على الانكشارية في دمشق فأخرجهم عنها، فحضر رئيسهم أحمد آغا القلطقجي ومعه عدة أغوات إلى جبل الشوف، واجتمعوا عند المشايخ بني يزبك وكانوا ينزلون وينهبون من نواحي دمشق ويقطعون الطريق، وأحرق الأمير ملحم ديار بني تلحوق في الغرب وديار بني عبد الملك في الجرد.
وحاصر سليمان باشا العظم الشيخ ظاهر العمر في قلعة طبرية ١١٦٠ ثلاثة أشهر فأدركه ركب الحج فارتفع عنها، ولما خرج الباشا إلى الحج أرسل الأمير ملحم عسكراً إلى بعلبك فطرد الأمير حيدراً الحرفوش وولى مكانه الأمير حسيناً، وخربت الدروز أرجاء بعلبك وقطعت أشجارها. وفيها حضر خط شريف بقتل أغوات الانكشارية بدمشق فقبض الوالي على بعضهم وقتل ابن الفلاقنسي. وذكر ابن بدير أنه بلغ متسلم دمشق سنة ١١٦٢ أن بعض الدروز من جماعة ابن تلحوق جاءوا دمشق ينهبون ويحرقون فأرسل إلى الموالي والمفتي والقاضي يأمرهم بأن يأخذوا معهم الأعلام وينادوا: هؤلاء خوارج فمن كان يحب الله والسلطان ليخرج إلى قتالهم. فخرج الناس فقتلت الحامية زمرة وكان الدروز يحتجون بأن قدومهم كان لإخراج إخوان لهم كانوا مسجونين فلما موطلوا نادوا في حارة الميدان والقبيبات كل من لا يخرج للقتال معنا ننهب ماله وداره، فانضم جماعة من الحارات ونزلوا إلى السويقة ووقع القتال بينهم وبين القبوقول والدالاتية، وأغلقت البلد حوانيتها وحصرت الحارات ونبه المتسلم على أهلها أن لا يخرجوا إلى الأزقة
ليحرسوا دورهم، ثم جرت مقتلة بين الفريقين قتل فيها نحو خمسين قتيلاً من جماعة المتسلم والقبوقول، وفتح عسكر الباشا الدكاكين في باب الجابية ونهبوا ما فيها من طعام وهدموا مصاطبها وصيروها متاريس ومن الغد باكروا القتال