وقامت دولة الجزار أحمد باشا الذي ضيق على أولاد الظاهر وذراريه وبعث أحد جواسيسه إلى ابنه علي وقتله في مرج علما الخيط.
والغالب أن الشيخ ظاهر العمر الذي حكم صيدا وعكا ويافا وحيفا والرملة ونابلس
وإريد وصفد وجميع المتاولة كانت تحت أمره، كان إلى السذاجة والفطرة، استسلم لوكيله إبراهيم الصباغ، وكان هذا مثلاً سائراً في الإمساك وحب المال، فحاول أن يخلص سيده من دفع خمسة آلاف كيس مع أن لديه أضعاف أضعافها من الذهب، دع سائر العروض والجواهر، واغتر ظاهر العمر بقوته الضئيلة فكان في ذلك ذهاب دولته وهلاكه وهلاك وكيله، ولم يثمر جمع الأموال الثمرة المرجوّة، ولو قدرّ له أن يعمل بما رسمه له السلطان سنة ١١٨٨ من العفو عن جميع ما تقدم من ذنوبه وذنوب غيره على شرط أن يؤدي الخراج لبقي في عزه إن كانت الدولة تريد دوام العز لأحد.
كانت الشكوى قليلة من إدارة ظاهر العمر فإن ما جمعه في أربعين سنة قد جمع غيره من حكام الأقاليم مثله في مدة قليلة. ذكر فولنه أن علي باشا المعروف بجتالجه لي الذي تولى حلب مرتين آخرها سنة ١١٩٣، وكان معاصراً للجزار جمع في خمسة عشر شهراً زهاء أربعة ملايين ليرة الغالب أن الليرة هي الفرنك الطلياني وأنه سلب جميع أرباب الحرف حتى انتهى سلبه إلى منظفي الغلايين. وقال غيره إن مدينة حلب التزمها ملتزم من الآستانة بثمانمائة كيس أو نحو أربعين ألف جنيه ويعطي الوالي ٨٣٣٠ جنيهاً في السنة لنفقات الولاية لكنه يكثر ابتزاز الأموال الطائلة من الأكراد والتركمان وسائر السكان، وقد جمع منهم عبدي باشا الذي كان والياً قبل عهد فولنه ١٦٠ ألف جنيه في سنة واحدة وضرب ضريبة على كل واحد وكل صناعة.
قال بعض من عاصره: وقد فر من حلب غالب تجارها ووجوه الناس ومن له شهرة وسجن الأعيان، وأن الكوسح خادمه لما خرج إلى قتال التركمان صار يخرب القرى ويسلب أموالها حتى قام أهالي حلب وحاصروه وأخرجوه من البلدة. ونقل في أعلام النبلاء في حوادث سنة ١١٩٤ أن عبدي باشا والي حلب جاء في
جيش عظيم إلى كلز لتأديب الأشقياء وأصدر أمره إلى أهل البلدة أن يخرجوا منها أهل العرض والرعايا إلى طرف الباشا ويبقي الأشقياء، فأجابوه