من لبنان وحاصبيا وراشيا، فتوغلوا في تلك الجبال وامتلكوا عدة محال، ولعدم العناية واستخفافهم بالخصم آلت الحال إلى تراجعهم وقتل كثير من رجالهم، وآبوا إلى اللاذقية يتعثرون بأذيال الخجل، إلى أن جردت الحكومة على الجبال المذكورة عسكراً كثيراً وقهرت أهلها.
وأوعز إبراهيم باشا إلى الأمير بشير أن يرسل ولده بألفي مقاتل إلى طرابلس سنة ١٨٣٣م ١٢٤٩هـ يجتمع هناك بسليم بك أحد قواد المصريين لتأديب العكاريين والحصنيين والصافيتين فذهب وقبض على بعض العصاة في طرابلس وعكار وكثير من الأعيان وجرت بينهم عدة وقائع. والغالب أن وقائع جبال النصيرية امتدت منها إلى صافيتا وعكار والحصن أو امتدت من هذه إلى تلك. وفي سنة ١٢٥٠ حدث هياج في حلب ثم في بيروت وإنطاكية، واشتغل إبراهيم باشا بإدخال من وقع في يديه من الرجال في سلك الجندية، فهرب الناس وتشتتوا وتوقفت الأعمال، وطلب من نابلس إنفاذ قانون الجندية فخرج أهلها عن الطاعة وحاصروا
إبراهيم باشا في القدس نحو شهرين وكان لبيت أبي غوش بين القدس ويافا يد طولى في هذه الفتنة ورئيسها قاسم الأحمد حاكم نابلس، فلما ضاق الحصار بإبراهيم باشا اضطر محمد علي أن يجيء بالذات إلى يافا وأرسل إلى قاسم الأحمد كتاباً يتلطف فيه مصحوباً بمال جسيم ويقول إنه لا يأخذ منه عسكراً ولا مالاً فرضى قاسم الأحمد وفك الحصار وخرج إبراهيم باشا حتى وصل إلى يافا، فوجد العساكر قد وصلت لنجدته، فرجع على عقبيه في الحال واشتغل بالقتال والنهب والسلب، فهرب قاسم الأحمد إلى الخليل فلحقه إبراهيم باشا بعسكره، واشتغل بالنهب والقتل حتى لم يبق ولم يذر. ثم دار على الساحل فأدب العصاة من أهله ولم يزل يتتبع آثار قاسم الأحمد حتى قبض عليه وقتله في دمشق، وقتل أربعة من أولاده وأمر بجمع السلاح من جميع البلدان.
وفي تاريخ فلسطين أن إبراهيم باشا لما قضى بأخذ أموال ورجال من فلسطين ندم أصحاب الإقطاعات على سكوتهم، واجتمعوا في قرية بيت وزن غربي نابلس واتفقوا على محاربته، فنكث جماعة منهم مالوا معه ودلوه على الطريق والمياه، فعاجل المخالفين قبل أن ينظموا حركتهم، وفتح طريق