آلاف وخمسمائة جندي عثماني وألفي جندي أوربي، فأخذ إبراهيم باشا يجمع شمله في الداخل، ويستدعي جنوده من الساحل، وبحسب تقارير ضباط الإنكليز أن المقتول والمجروح والضائع من العسكر المصري لم يكن أقل من عشرين ألف جندي.
وخرج إبراهيم باشا من دمشق ١٢٥٦ بعد أن فرق ذخائره ومتاعه على المساجد والجوامع وبيوت الأرامل والأيتام، وأخذ معه جميع الحبوب والمواشي خارجاً من باب الله ونزل في سهل القدم، ومنها قصد إلى مصر عن طريق البر. وقبل رحيله عن دمشق أرسل خالد باشا التركي من الساحل أحمد آغا اليوسف في شرذمة من الجيش فخرج إليه إبراهيم باشا بجند قليل وهزمه شر هزيمة، فرجع إبراهيم باشا بالغنائم والذخيرة الوافرة، اما أحمد آغا فنزل بعسكره بعيداً عن دمشق في إحدى قرى الزبداني ينتظر إخلاء إبراهيم باشا المدينة، ثم خرج إبراهيم باشا صادعاً
بالأمر الذي جاءه من والده بالجلاء عن الشام فخرج أهل دمشق لوداعه وخطبهم وحرضهم على الإخلاد إلى الطاعة والسكينة، ريثما تعود الحكومة العثمانية، وعينت الدولة علي باشا الذي كان والياً على الشام يوم دخول إبراهيم باشا، وكان أشد الأتراك تعصباً، وبقي قنصل بريطانيا المستر ودد الذي أثار الموارنة على إبراهيم باشا مفوضاً من الدولة التركية بمراقبة أعمال عمالها، وكان كثيراً ما يشير على الدولة بعزل هذا فتعزله ونصب ذاك فتنصبه، وكان الموظفون العثمانيون معه كموظفين صغار في خدمة آمر مطلق.
أراد محمد علي أن يقاوم دول أوربا ويظل في الشام، ولكنه علم ببعد نظره أن ذلك متعذر، وأن أسطولاً ضرب بيروت وأحرق الأسطول المصري ونزل تسعة آلاف جندي إلى سواحل الشام، وأن الموارنة بعد أن كانوا عضد ابنه إبراهيم أصبحوا يعاونون الأوربيين على طرده من الشام، وتقدم أمير البحر بأبيه أمام الإسكندرية وأخذ من محمد علي معاهدة لم يترك له بها سوى مصر، وأنه من مقتضى معاهدة الدولة العثمانية مع الدول ترك الحق لبريطانيا بالاتفاق مع النمسا في محاصرة الموانئ ومساعدة كل من أراد خلع طاعة المصريين والرجوع إلى الدولة العلية، وبعبارة أخرى تحريضهم على العصيان لإشغال الجيش المصري في الداخل، كي لا يقوى على مقاومة السفن النمساوية والبريطانية