القيامة وكنيسة المهد في بيت لحم. ادعت كل من الطائفتين حق الريسة والتقدم على الأخرى باستلام مفاتيحها، وكانت روسيا طمعت في الشرق وقامت تطالب بحماية الروم الأرثوذكس أبناء مذهبها كما ادعت فرنسا حق المطالبة بحماية موارنة لبنان والطوائف البابوية منذ منتصف القرن الثامن عشر، وحاولت الدولة أن تغفل عن مطالبة قيصر روسيا، فاتخذ من ذلك حجة وقام يريد إنفاذ وصية بطرس الأكبر القاضية بافتتاح الأرض العثمانية والاستيلاء على الأستانة.
هجم الأسطول الروسي في البحر الأسود على الأسطول العثماني وحطمه، فنشبت الحرب بين الروس والعثمانيين وانتصر الروس وكادوا يبلغون الأستانة، فأرسلت إنكلترا وفرنسا جيشاً وأساطيل إلى أرجاء البحر الأسود، وقاتلت الروس وانتصروا عليهم في سواستبول، وكذلك بعثت ساردينيا فرقاً من الجند الإيطالي، دفع الدول إلى ذلك أمر غير حب المحافظة على الدولة العثمانية، وهو الخوف من خروج
روسيا إلى البحر المتوسط وبخروجها خطر على أوربا بل خطر على بريطانيا العظمى وطريق هندها، وبعد حرب ثلاث سنين ١٨٥٦ ظفرت الدولة مع الدول الأخرى بالروس ودفعت بريطانيا نفقات الحرب، وحصلت الدولة الروسية على مطاليبها وامتيازاتها، ومن شروط المعاهدة ضمان استقلال المملكة العثمانية وسلامتها، والحظر على أية دولة أن تدخل في شؤون تركيا الداخلية ومساواة النصارى مع المسلمين في الحقوق. ولما رأى رجال الدولة أن الطريقة البالية القديمة في إدارة الملك العثماني تودي بها لا محالة أقنعوا السلطان بنشر الخط الهمايوني وبه قبلت الدولة ١٨٥٦ في عداد الدول الأوربية فكان هذا العامل النافع من نتائج حرب القريم، وبان للدولة وجه خطأها في اعتزالها السياسة الدولية.
وفي سنة ١٢٧٣ وقعت فتنة بين الدروز والحوارنة في اللجاة فاز فيها الدروز وفي سنة ١٢٧٥ ١٨٥٨ قهرت الدولة النصيرية بقهر زعيمهم إسماعيل هواش وجردتهم من كل رعاية وخصوصية، والسبب في هذه الفتنة أن طائفة الكلبية عصت أوامر الحكومة فأرسلت هذه خمسمائة فارس ضربت قرى الساحل، واتصلت الأخبار بالنصيرية فهاجموا الجند وقتلوا منهم فجهزت الحكومة بعد أيام عسكراً عظيماً وهاجمت الطائفة وجعلت قوة لها في الساحل وزحف النصيرية ولم يلبثوا