من علي غالب بن رشيد باشا أنفق على الجهاز والعرس مليوني ليرة فرنسية. وكان
كما قال دي لاجونكيير أكثر ملوك بني عثمان إنسانية، اكتشف عدة مؤامرات رتبت للإيقاع به فكان كل مرة يعفو عن المتآمرين، فحمل إلى قبره أسف أمته وحرمة أوربا له التي أثنت عليه على الرغم من فجائع الشام وجدة، وذلك لكونه لم يقض على عمل السلطان محمود في الإصلاحات ولأنه ساعد ما وسعته قوته على تأييدها والاحتفاظ بها.
خلف عبد المجيد أخوه السلطان عبد العزيز، وأخذ لأول مرة يهتم لتنفيذ خطط الإصلاح التي وضعها أبوه وأخوه أولاً، وبدأ بنفسه في إصلاح المالية، فآلى أن لا يتزوج بغير امرأة واحدة، وأبطل الإسراف في نفقات قصره، فتخلى عن جزء مهم من مرتباته، ولم يلبث أن عاد إلى طبيعته في الترف، وعاد الإسراف في أموال السلطنة إلى أبشع صورة بحيث لم تأت سنة ١٨٧٥م حتى أعلنت الدولة إفلاسها، وتمنت لو تقترض من مصارف أوربا بفائدة اثني عشر بالمائة. وفي التاريخ العام: ولسوء الحظ أن السلطان عبد العزيز نسي حالاً نياته الحسنة الأولى، وأصبح في الحرم تسعمائة امرأة وثلاثة آلاف خادم وخادمة، وكانت تمد كل يوم خمسمائة مائدة، ويجلس إلى كل واحدة منها اثنا عشر شخصاً.
نشر أول قانون للولايات على أصول فرنسا سنة ١٢٨١ ١٨٦٤ وكان السلطان عبد المجيد في سنة ١٢٧٢ ١٨٥٦ نشر خطاً سلطانياً يقضي بإدخال إصلاحات إدارية كثيرة في السلطنة العثمانية، عاقت حوادث الشام عن تطبيقها في ربوعه، فأخذ القطر بعد الحوادث المشؤومة يتدرج نحو المدنية، وقد تخلص من أرباب الإقطاعات، ولم يتخلص من أرباب النفوذ في المدن والقرى ممن كانوا يسرقون الأمة والحكومة معاً، ويقاسمون الولاة والعمال على الأرباح. أما الولاة في أول القرن والقرن الماضي فكانوا لا يهتمون إلا بالاحتفاظ بولايتهم ويبدلون بسرعة كما قال أحد العارفين من الأوربيين بمن يجهلون كثيراً أخلاق الشعب وإدارة
الأحزاب السياسية، فينبذون وراء ظهورهم الاهتمام بإنجاح الولايات لأنهم موقنون بقصر مدة ولايتهم عليها، فيكبّون مدة حكمهم على جمع الأموال الوافرة بقدر ما تمكنهم الحال. وفي أواخر هذا القرن تبدلت