الأول دخل البريطانيون والجيش العربي في يوم واحد، وقد تأثر الجيش البريطاني بقايا المنهزمين من الجيش التركي بين ربوة دمشق وقرية دمر فهلك من الجند المنهزم نحو مائة وعشرين، وسرقت خزينة الجيش التركي وكانت في القطار في مركبتين بين الشاذروان ودمر فنهبها الفلاحون وغيرهم من المصطافين، وطارد الفرسان البريطانيون والأستراليون المنهزمين من الأتراك ممن حاولوا المقاومة أولاً في سفح جبل قلمون قرب دومة فظن الترك أن الأهلين قاموا بمناصرة الجيش البريطاني فاستسلموا فخف أهل قرية حفير من أعالي الجبل لرد الأتراك دفاعاً عن قرتهم. وكان بعض سكان حوران اعتدوا في الأيام التي سبقت سقوط دمشق على بعض المنهزمين من الجيش لأخذ سلاحهم على الأكثر، ولكن الأمير طاهراً الحسني وأبناء عمه الأمير سعيد والأمير عبد القادر كانوا ألفوا من المغاربة سرايا من المطوعة وأخذوا ألف بندقية من الحكومة التركية خرجوا إلى أذرع وخففوا ويلات الجيش التركي وساعدوه على الهزيمة، ولما خلت دمشق من حكومة كانت مسائل الأمن فيها لأناس من أهل البلد والوجاهة في مقدمتهم أحفاد الأمير عبد القادر الحسني فلم يقع ما يكدّر في النفس والأموال.
وقبيل سقوط مدينة دمشق عقد الأتراك مجلساً حربياً حضره قواد الجيش من الترك والألمان والنمساويين والمجريين ورجال الشورى الحربي، فرأى القسم الأعظم من المؤتمرين نسف جميع الأماكن الأميرية في دمشق، وكان الألمان أعدوا لذلك العدة، وقال بعض الراوين بل نسف مدينة دمشق، إلا أن القائد النمساوي أقنع رفاقه بأن هذا عمل غير معقول، لأن الدمشقيين حاربوا مع الدولة العثمانية وقاموا بكل ما فرض عليهم بإخلاص، فليس من العدل وقد خسر الترك الحرب أن يعاملوا دمشق هذه المعاملة القاسية وكانت حجته داحضة. وكان جمال باشا المرسيني المعروف بجمال باشا الصغير من رأي القائد النمساوي سراً فعاضده وأشار إلى من استلموا زمام البلد من الوطنيين أن يعلنوا استقلال الشام، فرفعوا العلم العربي على دار الحكومة ضحوة يوم ٣٠ أيلول وبعد أن هنأ جمال باشا الصغير الحاضرين من الدمشقيين باستقلالهم، غادر دمشق على