للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

كريمكم ويعفو عن مسيئكم، ومن ائتمر في بني حبيبة وأهل مقنا من المسلمين خيراً فهو خير لكم، ومن أطلعهم بشر فهو شر له، وليس عليكم أمير إلا من أنفسكم أو من أهل بيت رسول الله وكتب علي بن أبي طالب في سنة ٩.

وفي السنة الحادية عشرة ضرب الرسول على الناس بعثاً إلى الشام أيضاً وأمر عليه أسامة بن زيد ندبه إلى البلقاء وأذرعات ومؤتة ثائراً بأبيه ولأسامة يومئذ ثماني عشرة سنة. وفي رواية أن الرسول أمره أن يوطئ الخيل تخوم البلقاء والداروم، وأن يبلغ يًبنى وأشدود من أرض فلسطين، وقيل: أمر أن يوطئ من آبل الزيت بالأردن من مشارف الشام، ودعا الرسول عليه السلام أسامة بن زيد فقال: سر إلى موضع مقتل أبيك فأوطئهم الخيل، فقد وليتك هذا الجيش فأغر صباحاً على أهل يُبنى وحرّق عليهم، وأسرع السير تسبق الأخبار، فإن ظفرك الله فأقلل اللبث فيهم وخذ معك الأدلاء وقدم العيون والطلائع أمامك. وبينا الناس يتأهبون للغزاة ابتدأ الرسول شكواه التي قبضه الله عز وجل فيها. وكان يقول في علته: جهزوا جيش أسامة. ثم سار أسامة إلى يُبنى فشنَّ عليها الغارة وقتل قاتل أبيه ولم

يصب أحد من المسلمين. وبلغ هرقل وهو بحمص ما صنع أسامة فبعث رابطة يكونون بالبلقاء، فلم تزل هناك حتى قدمت البعوث إلى الشام في خلافة أبي بكر وعمر.

فأول غزوات الشام دومة الجندل والثانية مؤتة والثالثة ذات السلاسل والرابعة تبوك والخامسة آبل الزيت وجملة غزواتهم سبع غزوات. وكلها مقدمات لفتح هذا القطر وأمر قطعي من صاحب الرسالة إلى أصحابه بأن يكملوا العمل الذي وضع أساسه بنفسه الشريفة. عن سلمة بن نُفَيل الحضرمي قال: فتح الله على رسول الله فتحاً فأتيته فدنوت منه حتى كادت ثيابي تحس ثيابه فقلت: يا رسول الله سيبت الخيل وعطلوا السلاح وقال: قد نُفَيل وضعت الحرب أوزارها فقال رسول الله: كذبوا الآن جاء القتال الآن جاء القتال، لا يزال الله يزيغ قلوب أقوام تقاتلونهم ويرزقكم الله عز وجل منهم حتى يأتي أمر الله وهم على ذلك وعُقر دار الإسلام بالشام.

<<  <  ج: ص:  >  >>