انقطع ما بين الروم في إيلياء وبين خط رجعتهم من البر مع إنطاكية وما وراءها من الدروب. وصالح أبو عبيدة السامرة بالأردن وكانوا عيوناً وأدلاء للمسلمين، كما صالح الجراجمة في جبل اللُّكام بين بياس وبوقا على أن يكونوا أعواناً للمسلمين وعيوناً ومسالح في جبل اللُّكام، وفتح عمرو ابن العاص غزة ثم سَبَسْطِية ونابلس ولدّ ويُبنى وعَمَواس وبيت جبرين ويافا ورفح، وظلت القدس وقيسارَية محاصرتين، ولم تفتح القدس إلا سنة خمس عشرة أي بعد فتح دمشق بسنة ونيف، وطلب أهله من أبي عبيدة أن يصالحهم
على صلح أهل مدن الشام وأن يكون المتولي للعقد عمر بن الخطاب، فكتب إليه بذلك فسار عن المدينة وخرج صفرونيوس بطريق بيت المقدس إلى عمر بن الخطاب فأعطاه عمر أماناً وكتب لكل كورة كتاباً واحداً ما خلا أهل إيلياء. وهذا نص عهد أهل إيلياء:
بِسم الله الرحمن الرحيم: هذا ما أعطى عبد الله عمر أمير المؤمنين أهل إيلياء من الأمان، أعطاهم أماناً لأنفسهم وأموالهم ولكنائسهم وصلبانهم وسقيمها وبريئها وسائر ملتها، أنه لا تسكن كنائسهم ولا تهدم ولا ينتقض منها ولا من حيّزها ولا من صليبهم ولا من شيء من أموالهم ولا يكرهون على دينهم ولا يضار أحد منهم، ولا يسكن بإيلياء معهم أحد من اليهود. وعلى أهل إيلياء أن يعطوا الجزية كما يعطي أهل المدائن، وعليهم أن يخرجوا منها الروم واللصوت اللصوص، فمن خرج منهم فإنه آمن على نفسه وماله حتى يبلغوا مأمنهم، ومن أقام منهم فهو آمن، وعليه مثل ما على أهل إيلياء من الجزية، ومن شاء سار مع الروم، ومن شاء رجع إلى أهله، فإنه لا يؤخذ منهم شيء حتى يحصد حصادهم، وعلى ما في هذا الكتاب عهد الله وذمة رسوله وذمة الخلفاء وذمة المؤمنين إذا أعطوا الذي عليهم من الجزية. شهد على ذلك خالد بن الوليد وعمرو بن العاص وعبد الرحمن بن عوف ومعاوية ابن أبي سفيان وكتب وحضر سنة ١٥.