النزاع، أما فائدة الصور فمما لا نزاع فيه على الوجه الذي ذكر. . . وبالجملة فانه يغلب على ظني أن الشريعة الإسلامية أبعد من أن تحرم وسيلة من أفضل وسائل العلم، بعد تحقيق أنه لا خطر فيها على الدين لا من جهة العقيدة ولا من جهة العمل اه.
لما جاء الفاتحون إلى الشام كانت في تصويرها عالة على الروم والفرس وبقيت على ذلك مدة قليلة لأن التصوير لم يكن يعرف أنه كان في متفرق أقطار جزيرة العرب اللهم إلا في اليمن، برع فيه أهلها براعة أثبتتها الآثار والمصانع، وكانت الأثواب اليمانية المزركشة المبرقشة المصورة مما يحمل إلى الحجاز وسائر أرجاء الجزيرة وما إليها منذ عهد الجاهلية، وأول ما عرف التصوير في الشام على عهد المسلمي كان في زمن الوليد باني الجامع الأموي بدمشق والمسجد الأقصى في القدس وغيرهما، وما نظن أن جميع من صوروا له ما أراد من الحيوان والنبات والشجر والمدن والأصقاع كانوا من أصول عربية بل كان فيهم الفرس والروم الذين دخلوا في خدمة الدولة العربية، ومنهم من بعثت به مملكة بيزنطية ليساعدوا الخليفة على عمله النافع، وقد وجد الأثري موسيل التشكي في قصير عمرة على سبعين كيلو متراً من قصر المشتى في البلقاء كتابات ونقوشاً تشير إلى فتح الأندلس في أيام الوليد وفيه من النقوش الزاهية والتصاوير العجيبة ما يأخذ بالأبصار. قال صاحبنا شيخو: وفي هذه القصور من الآثار الهندسية ومن التصاوير ومن تمثيل أحوال البادية كالصيد والغزوات والمآدب والمصانع ما أذهل العلماء لوجوده في البراري. ويقول ريسون: إن العرب قد نهجوا في الفنون الجميلة نهج البيزنطيين، ولم يخالفوهم إلا بعد تجسيم الحيوان، ولكنهم استعاضوا عنه بالنقش النباتي من تشبك أوراق وأقواس باهرة وفصفصة زاهرة وآكام ومعاهد ساحرة.
وفي التاريخ العام أن الإسلام حظر تمثيل الصور الآدمية ولكن هذا الحظر لم يمنع الخلفاء من أن يكون في قصورهم صور وتماثيل. ومع هذا لم يخلف العرب في النقش ولا في الرسم آثاراً خارقة للعادة، وما بقي من آثارهم وعادياتهم الحجرية وأنواطهم المنقوشة، وعاجهم ومجوهراتهم، يشهد باستعدادهم الفني، فإنهم نقلوا عن غيرهم في هذا الشأن أولاً ثم أخذوا يمرنون أنفسهم على حسن